خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد بفندق الشيراتون في الدوحة

الدكتورة مريم الصادق المهدي
الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي وزيرة خارجية السودان

 

شوقي مهدي

نفت سعادة الدكتورة مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية السودانية أي نية لخيار عسكري لحل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، مشيرة إلى أن السودان سيلجأ لكافة الخيارات السياسية والدبلوماسية من أجل الوصول لاتفاق ملزم قبل الملء الثاني لسد النهضة.

ونوهت وزيرة الخارجية السودانية في تصريحات صحفية أمس إلى أن عرض إثيوبيا تبادل معلومات ملء الخزان مع السودان دون الوصول لاتفاق ملزم هو أمر خطير للغاية ويهدد أمن وسلام السودان، مشيرة للتعنت الإثيوبي في المفاوضات بعاصمة الكونغو قبل عدة أيام.

وقالت الدكتورة مريم الصادق إنه في حال توفرت الإرادة السياسية الحقيقية من الجانب الإثيوبي فيمكن الوصول لاتفاق ملزم لأزمة السدد خلال ساعات.

وفي ردها على النتائج الأخيرة لمفاوضات سد النهضة قالت سعادة وزيرة الخارجية: لا يمكننا وصف نتائج مفاوضات كنشاسا بالفشل، والسودان ذهب لهذه المفاوضات بقلب وعقل مفتوح بغرض التوصل لاتفاق قانوني وملزم بصورة عاجلة خاصة قبل الملء الثاني للسد، وأضافت: «كما تعلمون تحدد في العام الماضي للوصول لهذا الاتفاق في مدة أقصاها أسبوعان، ولكن للأسف خسرنا في العام الماضي حوالي 200 يوم لم يحدث فيها أي تقدم بل على العكس حدث تراجع وتأخر في المواقف». وبينت الوزيرة أنه تم رفض تقرير الخبراء المستقلين الأفارقة الذين تم اختيارهم بعناية، في الوقت الذي وافق فيه السودان على تقرير الخبراء ورأى فيه أساسا مهما للتوافق ولكن تم رفضه من إثيوبيا.

وأضافت سعادة وزيرة الخارجية، أن عدم تسوية الأمور عبر وساطة الاتحاد الإفريقي، كما ارتأينا للأسف تم الملء الأول للسد والذي تضرر منه السودان بصورة كبيرة وأثر على المشاريع الزراعية ومياه الشرب بل حتى أثر على المستوى السياسي، لذلك تقدمنا بمبادرة تقتضي بأن يقوم الاتحاد الإفريقي والشركاء الدوليون الذين كانوا أصلاً متواجدين بشكل مراقبين وهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وأضفنا إليهم الأمم المتحدة ووافقت كل هذه الأطراف على الوساطة وهي كانت جزءاً من عملية التفاوض في مرحلة من المراحل، وكانت تقتضي موافقة الأطراف الثلاث وعلى هذا الأساس وافقت مصر من أجل إنجاز الاتفاق القانوني بأسرع ما يمكن وعليه عندما ذهبنا إلى كنشاسا كان الهدف الوصول لهذا الاتفاق والبناء على ما تم الاتفاق عليه وتبني نهج مختلف يقوم على التعاون وليست النظرة الأحادية لكل دولة ومراعاة مصالح سكان الدول الثلاثة البالغ عددهم 250 مليون مواطن.

تعنت إثيوبي

وتابعت وزيرة الخارجية السودانية: للأسف أنكرت إثيوبيا معرفتها بهذه المبادرة ورفضتها وأصرت على أن يكون الوجود الدولي في شكل مراقبين، بل حتى تعريف المراقبين هو عبارة (متفرجين وليسوا مراقبين) ولا يحق لهم المساهمة بأي شيء إلا بإجماع الأطراف الثلاثة، وقدمت مصر مبادرة للخروج من هذه الأزمة بأن يتحول المراقبون إلى مسهلين ولكن إثيوبياً أيضاً رفضت، وقالت الوزيرة: «تقدمت مصر مرة أخرى بمقترح آخر أيده السودان بأن يكون رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي هو الوسيط وله الحق بأن يستعين بالخبراء الدوليين الذين أضافت إليهم إثيوبيا دولة جنوب إفريقيا، ونحن بالمقابل (السودان ومصر) رحبنا بوجود جنوب إفريقيا بحكم دورها كرئيس سابق للاتحاد الإفريقي وهي دولة كبيرة ومهمة ولها وزن سياسي كبير في إفريقيا.

وأبرزت المهدي أنه لم يكن هناك أي اعتراض بخصوص انضمام جنوب إفريقيا للمفاوضات وهذا على عكس ما جاء على لسان وزير الري الإثيوبي وهو أمر مؤسف حيث لم يكتفِ الوزير الإثيوبي بتحوير الواقع وإنما زعم أن الرفض لوجود جنوب إفريقيا هو إهانة لدولة جنوب إفريقيا، وهذا غير صحيح ومؤسف بل كان هناك ترحيب مباشر من السودان وموافقة من مصر.

تسهيل المفاوضات

وأوضحت المهدي أن الخرطوم اقترحت أن يقوم رئيس الاتحاد الإفريقي بتسهيل المفاوضات بمساعدة الأطراف الدولية، ولكن إثيوبيا رفضت ذلك مرة أخرى بينما وافق السودان، وآخر هذه المقترحات التي تقدمت بها مصر كمحاولة أخيرة للمضي قدماً في هذه المفاوضات وإنهاء التعنت الإثيوبي كانت أن دعت لأن يتنازل الجميع ويتم وضع الثقة في رئيس جمهورية الكونغو ليقوم بالوساطة والوصول إلى اتفاق قانوني وملزم خلال 8 أسابيع. وفي الواقع منذ العام الماضي تم الانتهاء من 90٪ من القضايا وبقيت القضايا الملزمة قانونياً لإثيوبيا.

وشددت وزيرة الخارجية السودانية بأن المقترح المصري بوضع إطار زمني لمدة 8 أسابيع هي فترة كافية جداً في حال وجدت الإرادة السياسية الحقيقية يمكن ألا يحتاج الأمر لأكثر من ساعتين أو 4 ساعات للوصول لاتفاق قبل الملء الثاني المرتقب. وتابعت سعادة وزيرة الخارجية: للأسف مرة أخرى تعنت إثيوبيا في رفض هذا المقترح المهم ونحن ونثق في حكمة وقدرة رئيس الاتحاد الإفريقي للاستعانة بما يتوفر من موارد بغرض الوصول لاتفاق خلال 8 أسابيع، وهذا المقترح كان فيه تنازل كبير من السودان الذي سيواجه معاناة كبيرة من ملء السد. وللأسف تعنتت إثيوبيا مرة أخرى ورفضت هذا المقترح.

الخيار العسكري

وفي ردها على سؤال حول الخيار العسكري لحل الأزمة، قالت وزيرة الخارجية: لا مجال للحديث عن الخيار العسكري بل نحن نتحدث الآن عن الخيارات السياسية كما ذكر فخامة الرئيس السوداني من قبل، مشيرة إلى أنه سيكون هناك استقطاب واسع النطاق للرأي العالمي والأفريقي وبشكل خاص في دول حوض النيل ودول الجوار لمنع إثيوبيا من المضي قدماً في زعزعة أمن دول مهمة جارة لها وهي السودان ومصر.

وشددت وزيرة الخارجية على أن السودان على الدوام يحرص على بناء السد وأكد ذلك أكثر من مرة بصورة مطلقة لحق الإثيوبيين في الاستثمار في نهر النيل الأزرق وقدم الدعم السياسي والتقني والأخلاقي.

وأضافت أن الجانب الإثيوبي قدم عرضاً خلال المفاوضات بخصوص تبادل المعلومات قائلة: قدم الإثيوبيون عرضاً بخصوص تبادل المعلومات في الملء القادم. وأضافت: هذا أمر خطير جداً، فنحن لدينا سد الروصيرص والذي هو بسعة تساوي عُشر سعة سد النهضة وبارتفاع أقل بكثير من سد النهضة ونحن للأسف لا نثق في الجانب الإثيوبي في هذا الإطار لأنه ببساطة يمكن أن يمدونا بالمعلومات لهذا العام ومن ثم يحجمون عنها في الأعوام المقبلة بعد أن يصبح أمراً واقعاً بالتالي فإن الملء يكون فقط بمجرد تبادل المعلومات ودون وجود اتفاق ملزم وقانوني يعد أمراً خطيراً لأمن السودان واستقراره ومصالحه الإستراتيجية وقدراته على التخطيط الزراعي في المستقبل. وأضاف: للأسف هذا يعكس سوء نية من الجانب الإثيوبي بأنه يريد أن يفرض ذلك بالأمر الواقع بالتالي فإن أي ملء دون التزام قانوني واضح هو خطير ويشكل تهديدا مباشرا على السودان.

ونوهت وزيرة الخارجية إلى أن إثيوبيا تسيء لعلاقات الجوار مع السودان حينما تدعي بأن إيقاف الملء يكلفها حوالي مليار دولار وهي بذلك لا تراعي حياة الملايين من السودانيين الذين سيتضررون من مل السد قائلة: إذا صدق ذلك نحن نتساءل كيف يقارن جيراننا الإثيوبيون مليار دولار يمكن أن تعوض بحياة السودانيين وأمنهم واستقرارهم… حقيقة نحن لم نتوقع مثل هذا التصرف من الطرف الإثيوبي رغم الدعم السياسي والأخلاقي الذي تقدم به السودان لبناء سد النهضة ونحن ماضون لتحقيق المصالح بكل الوسائل الدبلوماسية والسلمية.

 

 

جريدة لوسيل