كلمة وزيرة خارجية السودان د. مريم المهدي في الاجتماع الطارئ للجامعة العربية

الدكتورة مريم الصادق المهدي
الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي وزيرة خارجية السودان

 

 

الاجتماع الغير عادي لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية الإسفيري

الثلاثاء 11 مايو 2021

كلمة الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي

وزيرة خارجية السودان

 

كُتب من مقطع لفيديو الكلمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

معالي الأخ الكريم الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير خارجية قطر، نائب رئيس الوزراء ورئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة رؤساء الوفود، معالي الأخ الكريم دكتور أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، السادة اعضاء الوفود، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ورمضان مبارك عليكم، والعيد بإذن الله مبارك عليكم.

في البدء أرجو أن أتقدم بخالص الشكر لأصحاب المعالي والسمو وزراء خارجية الدول العربية الشقيقة على استجابتهم السريعة لعقد هذا الاجتماع المهم وللمبادرين من فلسطين الشقيقة بالتشاور مع المملكة الأردنية الهاشمية وقطر وما كان لذلك أن  يتأتى إلا لأهمية وخطورة التطورات التي تطلبت تحركات مثل اجتماعنا هذا لتصب في عودة التماسك العربي إزاء قضايانا المصيرية وتعزز من تعاوننا المشترك خدمةً لقضايا أمتنا العربية. كما أتقدم بصادق الأمنيات والدعوات لمعالي وزير خارجية دولة قطر الأخ شيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التوفيق في قيادته لأعمال دورته الحالية مرةً أُخرى ومرات. وأود أن أتقدم لمعالي السيد الأمين العام وفريقه بالشكر على التنظيم والجهد الذي بُذل ويُبذل نحو دفع عملنا العربي وقضايا أمتنا العربية حيثُ يأتي اجتماعنا غير العادي هذا كأول اجتماع طارئ بالنسبة لي أشهده كوزيرة خارجية بلادي وبعد اجتماعنا الأخير في مارس الماضي لهذه القضية الحيوية والمهمة.

سيدي الرئيس

ظل السودان يتابع بقلق بالغ تواصل حركة القمع والإعتداء المنظم الواقع على المواطنيين الفلسطينيين والمقدسيين العُزل من قِبل قوات الشرطة الإسرائيلية، وقد أصدرنا بيانين خلال شهر رمضان المبارك، بما في ذلك تواصل محاولات الإقتحام بالمسجد الأقصى الشريف وإنتهاك حق حرية المصلين للوصول إلى مناطق العبادة فيه لأداء الصلوات بالتوازي مع اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين المسلحين على بيوت الفلسطينيين بحى الشيخ جراح والمناطق المحيطة ورام الله ونابلس ومناطق أُخرى بالضفة الغربية. ويُعرب السودان عن بالغ استنكاره ورفضه لهذه الإجراءات الإسرائيلية القسرية المنتهكة لحقوق الإنسان وللقوانين ويطالب الحكومة الإسرائلية بالكف عن كافة الخطوات الأُحادية الجانب التي تقلل من فرص استئناف مفاوضات السلام وتقوض الجهود الإقليمية والدولية المشتركة لتحقيق السلام والاستقرار بالأمن والمنطقة. وهو ما ظللنا نردده بصورة تكرارية اصبحت فيها نوع من البروتوكالية لا تليق بنا في هذا المقام ولكنه أقولها لأنه هذا موقف بلادي.

سيدي الرئيس

يطالب السودان الحكومة الإسرائيلية بإقاف كافة التدابير الخاصة بتغيير الهوية العربية والدينية والوضع القانوني لمدينة القدس ويدعو المجتمع الدولي للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإيقاف مساعيها لتهجير المزيد من المواطنيين الفلسطينيين وطردهم من منازلهم بما يتعارض مع قرارات الشرعية الدولية.

كما يدين السودان بأشد العبارات اعمال العنف والتحريض سيما اعتداءات الشرطة الإسرائيلية المتكررة على المصلين منذ اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، شهر التوبة والرحمة والغفران، وتصاعد وتيرة خطاب الكراهية والاستفزازات من جانب المجموعات اليهودية المتطرفة.

معالي الإخوة الوزراء، السادة اعضاء الوفود

نطالب من منبرنا هذا الحكومة الإسرائيلية لتحمل كامل مسؤوليتها وفق القانون الدولي الإنساني بتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين وإقاف حملة الكراهية والعنصرية والعنف ضدهم.

ونجدد في هذا المقام موقفنا الثابت تجاه حقوق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف وبخاصة حقه في تقرير مصيره وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.

وسنظل نعمل مع كافة الأطراف تجاه إقرار وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبحسبان إن قضيته هى القضية المركزية الأولى في منطقتنا وأنها تحتل مكانها المتقدم في إهتمامات بلادي.

السيد الرئيس

تتفقون معي أن حفظ الأمن والسلم في منطقتنا العربية والشرق الأوسط لا ينفك عن حفظ الأمن والسلم الدوليين وذلك نستسلم لنسلم بلا شك توطيد العلاقات مع المنظمات والتجمعات الإقليمية المجاورة والدولية لدعوتها بصورة مباشرة لتبني مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة وتبني كل ما من شأنه إقاف التصعيد الإسرائيلي وإقاف العدوان والتعدي على حقوق الشعب الفلسطيني.

كما ندعو إلى عدم الإعتراف بأى تغيير يطرح على حدود الرابع من يونيو 1967 وندعو في ذات الوقت للمجتمع الدولي لإدانة كل ما من شأنه تقويض الجهود المبذولة لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإدانة مخططات الإحتلال الإسرائيلي لتهويد مدينة القدس وتهجير الفلسطينيين واستمرار الأنشطة الاستيطانية.

إن المجتمع الدولي الذي يعلم تماماً مسؤولياته يجب عليه أن يتحملها بما في ذلك مراجعة ضميره بكل ما يجري أمامه وما جرى عبر التاريخ، ولعل من الأشياء المبشرة بوجود ضميرٍ حى في هذا المجتمع الدولي ما صدر هذا الإسبوع بتاريخ 7 مايو الشهر الجاري عن صحيفة الغارديان البريطانية من إعتراف بخطأها في دعم وعد بلفور الذي سهل قبل مئة عام وأربعة أعوام تأسيس دولة إسرائيل كوطن قومي لليهود، وقد قالت الصحيفة في هذا الخصوص إن إسرائيل ليست هى البلد الذي تنبأت به صحيفة الغارديان لقد اخطأت الصحيفة خطأً فادحاً… وهذ إعتراف مهم من صحيفة مهمة وتحمل الرأى في بلد مهم مثل بريطانية… هذا الإعتراف نأمل أن يتسرب إلى كل الضمير العالمي اليوم ومستقبلاً ليحق الحق متى ما وجب ذلك.

سيدي الرئيس

تجدد بلادي موقفها الثابت والمبدئي إزاء القضية الفلسطينية وأهمية إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لحل الدولتين الذي يحقق السلام العادل والشامل وفقاً للقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي نرجو أن لا تكون حبراً على ورق.

وفي هذا الصدد نجدد موقفنا الذي توافقنا عليه في اجتماعنا في الثامن من شهر فبراير الماضي هذا العام وفي اجتماعنا الأخير في مارس المنصرم بشأن رؤيتنا الموحدة إزاء حل للقضية الفلسطينية.

وندعو لإتخاذ خطوات عملية تتجاوز بنا خانة النداءات من خلال وضع خطة عربية موحدة وبرنامج عمل دبلوماسي شامل لكل الأعضاء عبر آليات فعالة يكون هدفها تحقيق هذا الحق الفلسطيني في مدى زمني محدد ويكون قصير بما يخرج الجامعة العربية إلى فضاءات الفعل الموحد والمشترك وبما قد تحسه الشعوب على أرض الواقع. وقد يكون من ضمن ذلك ما كنت قد طرحته بأن نُلبي أى دعوة توجهها لنا وزارة خارجية دولة فلسطين لزياة أرض فلسطين وإظها مساندتنا كوزراء خارجية عرب للشعب الفلسطيني وقضيته بوجودنا معه على أرض فلسطين في الموقولة المهمة للسيد أبو مازن زيارة السجين لا تعني دعم السجان.

سيدي الرئيس

ختاماً أرجو اجتماعنا هذا أن تُلبي مخرجاته تطلعات شعب فلسطين الشقيقة في الأمن والسلام والرفاهية والعيش الكريم، وأن تخرج جلستنا بقرارات تصُب في وقف العدوان الإسرائيلي والتصعيد الممنهج على شعب فلسطين ومقدساته وممتلكاته وحقوقه التي كفلها له القانون الدولي الإنساني، وها نحن نرى أن التصعيد قد امتد ليشمل قطاع غزة وسقوط ضحايا فلسطينيين ابرياء وتواصل العدوان الإسرائيلي بما يهدد الأمن والسلم الدوليين آملين مخاطبة كل التجمعات الإقليمية والدولية أن تحزوا حزونا هذا لدعوة الحكومة الإسرائيلية للكف عن العدوان.

ونحن على استعداد أن ننتظم مع إخوتنا البقية من وزراء الخارجية العرب في حملة دبلوماسية واسعة لمخاطبة هذا الشأن في كافة التنظيمات الإقليمية والدولية.

ولكم جزيل الشكر والله ولي التوفيق.

وكل عام وشعب فلسطين بخير وكل أمتنا العربية بخير وكل العالم بخير، ووقاكم الله جميعاً شرور الجائحة ونلتقي قريباً على خير وفي ساعة خير.

ونحن حاضرون تماماً لأى خطة مشتركة وحاضرون ايضاً بالعمل على صياغة هذه الخطة.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.