مبادرة لإشاعة "عفة اللسان" سياسيا بالسودان

الحبيبة الدكتورة مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي من ضمن المشاركون في حفل إطلاق المبادرة وقد شددوا على الحاجة الملحة لتنقية الخطاب السياسي السوداني من الإساءات المتكررة (الجزيرة)
الحبيبة الدكتورة مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي من ضمن المشاركون في حفل إطلاق المبادرة وقد شددوا على الحاجة الملحة لتنقية الخطاب السياسي السوداني من الإساءات المتكررة (الجزيرة)

أجمع المشاركون في حفل إطلاق مبادرة لإشاعة عفة اللسان ونبذ العنف اللفظي في الساحة السياسية والإعلامية بالسودان، على الحاجة الملحة لتنقية الخطاب السياسي من الإساءات المتكررة بين المختلفين بالرأي وإشاعة الكراهية بين الناس، داعين كافة الأطراف السودانية لتقبل الرأي الآخر.

عماد عبد الهادي-الخرطوم

قاد ما وصف بانحدار الخطاب السياسي والإعلامي في السودان والذي نتج عن تزايد حدة الخلافات بين القوى السياسية والاجتماعية، سياسيين وإعلاميين لإطلاق مبادرة جديدة “لإشاعة عفة اللسان ونبذ العنف اللفظي في الساحة السياسية والإعلامية بالبلاد”.

ورأت جماعة “تواصلنا” التي تضم بين أعضائها إعلاميين وسياسيين أن اشتداد الخلافات السياسية قاد إلى تدهور لغة التخاطب بين المختلفين في الرأي والفكرة رغم وجود صلات تجمع بين الأطراف ذاتها.

وتعتقد أن المبادرة تساهم إلى حد كبير في فتح أبواب التواصل المغلقة بين الفرقاء السياسيين والمجموعات القبلية والإثنية، وتقرب المساحات بينها.

وشهدت الساحة السياسية السودانية خلال الفترة الماضية انحدارا -وفق مجموعة “تواصلنا” التي تنشط على بعض مواقع التواصل الاجتماعي- في لغة الخطاب السياسي والإعلامي، مما أثر على فرص الوفاق الوطني وعلى النسيج الاجتماعي السوداني بكامله.

ومع إصرار المجموعة على تسويق فكرتها، تباينت الآراء بشأن إمكانية نجاحها في ظل استقطاب سياسي حاد يسيطر على المشهد السوداني الآن.

حاجة ملحة

وأجمع المشاركون في حفل إطلاق المبادرة على الحاجة الملحة لتنقية الخطاب السياسي السوداني من الإساءات المتكررة بين مختلفي الرأي وإشاعة الكراهية بين الناس، داعين كافة الأطراف السودانية -حزبية كانت أو اجتماعية- لتقبل الرأي الآخر وعدم مواجهته بالعنف اللفظي أو غيره.

واعتبروا أن “الطريق الوحيد لإيجاد حل شامل لكل لقضايا البلاد وأزماتها هو كيفية قبول الرأي الآخر واحترام أفكار الآخرين ورغباتهم وتوجهاتهم وثقافاتهم”.

من جانبها أشارت مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي المعارض إلى أن الساحة السياسية السودانية شهدت موجة مؤسفة من العنف اللفظي “لا يمكن التنبؤ بما يترتب عنها في المستقبل القريب في وقت تحتاج فيه البلاد لحوار صادق بين كل مكوناتها”.

ورأت مريم أن استمرار العنف اللفظي تجاه الآخر “يعبر بوضوح عن عجز في استيعاب التحديات والمخاطر التي تواجه السودان وشعبه”، محملة قادة نظام الحكم في البلاد المسؤولية الكبرى في انتشار ظاهرة العنف اللفظي الذي درج على لصقه بمعارضيه.

ودعت في كلمة لها أمام الحضور إلى دعم المبادرة -التي وصفتها بالمهمة- من كل الأطراف في الساحة السياسية والإعلامية دون إقصاء لأحد.

أشكال متعددة

بينما لفت القيادي في حركة “الإصلاح الآن” أسامة توفيق إلى وجود أشكال مختلفة للعنف اللفظي في الحياة السياسية وداخل مؤسسات الدولة، مؤكدا أن الظاهرة بلغت درجة يخاف منها على البلاد وعلى النسيج الاجتماعي السوداني.

ورأى في كلمته أن دعم المبادرة “واجب وطني تقتضيه التحديات التي تحيط بالسودان دولة وشعبا”.

أما عضو القيادة في حزب المؤتمر الشعبي عمار السجاد فأثنى على فكرة المبادرة وعلى روح التعاون والاستعداد للتلاقي التي بدأت تدب بين الأحزاب السياسية رغم اختلافاتها بشأن كثير من القضايا المطروحة.

وأشار إلى أن اجتماعا لممثلين لأحزاب لأجل بحث مبادرات من هذا النوع “كان في الماضي القريب أمرا غير ممكن إن لم يكن مستحيلا”.

ميثاق شرف

في حين طالب عضو المبادرة عبد الرحمن القاضي بالاتفاق على ميثاق شرف سياسي وإعلامي لمحاربة ظاهرة العنف اللفظي “على أن يلتزم الميثاق القيم السودانية الموروثة في المعاملة والتي تكاد تطابق كل تعاليم الأديان السماوية”.

ومن جهته دعا الإعلامي علم الدين عمر إلى إبعاد المبادرة عن التقاطعات السياسية لضمان نجاحها في تحقيق الأهداف المرجوة، مشيرا إلى أن محاربة العنف اللفظي “يجب أن تتم على مستويات مختلفة وليس على صعيد الساحة السياسية والإعلامية فقط”.

ويرى مدير المركز الأفريقي لحقوق الإنسان بالاتحاد الأوروبي عبد الناصر سلم أن انتشار العنف والاستقطاب الحاد دفع ببعض السودانيين للعودة إلى كياناتهم القبلية لأجل الاحتماء بها.

وأكد للجزيرة نت أن من مظاهر العنف اللفظي بروز لغة القبلية في مؤسسات الدولة وأجهزة الإعلام وعدم تقبل الآخر وتغييب ثقافة الاختلاف.

ويعتقد أن الانتقاد الهدام أصبح ثقافة للقيادات المؤثرة على عامة الناس، فضلا عن عدم عفة القول والفعل “وهذا ما أدى إلى مشهد العنف الماثل”، مشيرا إلى إمكانية نجاح المبادرة إذا ما وجدت رعاية كاملة من الجهات والأطراف المعنية في الأحزاب وأجهزة الإعلام.

الجزيرة