كيف أرضعت المنصورة تيمانها في سجن امدرمان للنساء ؟

الحبيبة الدكتورة مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي
الحبيبة الدكتورة مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي

بقلم الأستاذ ثروت قاسم

الحلقة الثانية ( 2- 4 )

1- مقدمة .

كما ذكرنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة ، حسب دستور الحزب وبعد التشاور والمناصحة مع أهل النظر في الحزب ، إختار السيد الإمام المنصورة نائبة رابعة لرئيس الحزب .

تجاوز السيد الإمام ، بحكمته ، اسمها الذي وضع في طريقها الشوك والمتاريس ؛ وإختارها رغم إسمها ، ورغم ما سوف يردده المنكفئون من أنصاف المتعلمين من ترهات تفيض بها نفوسهم المشوهة .

إختار السيد الإمام المنصورة كنائبة لرئيس الحزب لمؤهلاتها الباذخة ، وتجاربها الثرة والرائدة في مجال العمل السياسي ، ولمهنيتها العالية ، ولمرجعياتها الأخلاقية السامية .

بعض زعماء حزب الأمة ، وبحسن نية قاتلة ، ( يبررون ) إختيار السيد رئيس الحزب المنصورة نائبة رابعة له ، بأنه إختيار حسب دستور الحزب وما يخوله لرئيسه من سلطات ، وينسون في غفلتهم الإشارة لمؤهلاتها وخبراتها وكفاحها وعطائها الثر الباذخ ؟

 إستعرضنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة مجاهدات وبذل وعطاء وتضحيات المنصورة في العمل العسكري الميداني ، عندما كان الخيار العسكري مطروحاً من التجمع الوطني الديمقراطي ومؤوسسات حزب الأمة في تسعينات القرن الماضي .

ونواصل في هذه الحلقة تلخيص بعض البعض من مجاهدات وتضحيات المنصورة في تفعيل خيار الإنتفاضة الشعبية السلمية غير المستنصرة بالأجنبي . التضحيات الجسام والعطاء الثر الذي أرغم أهل النظر في حزب الأمة والسيد الإمام على إختيارها نائبة لرئيس الحزب رغم متاريس وحواجز اسمها :

اولاً :

البذل والعطاء والتضحيات في الميدان … خيار الأنتفاضة الشعبية !

 في يوم الأثنين 7 ديسمبر 2009 ، قادت المنصورة ، مع آخرين ، مظاهرة ضخمة في أمدرمان مطالبة المجلس الوطني بإجازة مواد في الدستور تسمح :

+ باستفتاء حر وشفاف ونزيه في الجنوب ؛

 + وتسمح باشاعة الحريات العامة والتحول الديمقراطي الكامل .

كان القائد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية الجنوبية وقتها على يمينها ، وعلى شمالها القائد ياسر عرمان وبعض قادة مكونات تحالف قوى الإجماع الوطني .

 وتغيب عن المظاهرة الإحتجاجية قادة حزب مولانا الميرغني ، الذين آثروا الجلوس على الكنبة ، والمتاوقة من بعيد لبعيد .

 بعد المظاهرة مباشرة ، وافقت الحكومة على تعديل بنود الدستور لتسمح باستفتاء حر وشفاف ونزيه في الجنوب . تم ذلك بموجب صفقة عقدتها الحكومة مع الحركة الشعبية الجنوبية ، على حساب تحالف قوى الإجماع الوطني ، وعلى حساب بنود الدستور المعنية بالتحول الديمقراطي وبسط الحريات . نجحت الحكومة في إستقطاب الحركة الشعبية الجنوبية لجانبها ، وضد تحالف قوى الإجماع الوطني .

في يوم الأثنين 14 ديسمبر 2009 ، بعد أسبوع من المظاهرة الأولى ، قادت المنصورة ، مع آخرين ، مظاهرة ثانية مطالبة بتفعيل بنود الدستور المعنية بالتحول السلمي الديمقراطي للسلطة وبسط الحريات .

 في هذه المرة ، لم تجد القائد باقان أموم على يمينها ، بعد أن باعها وباع جماهير الشعب التي كانت تزحف وراءها .

 القت شرطة مكافحة الشغب القبض على المنصورة ، وهي تقود المظاهرة ، وزجتها في زنزانة من زنازين سجن امدرمان للنساء . وقتها كان تيمانها رُضعاً ، فكانت ترضعهم وهي في زنزانة السجن !

 لم تنكسر المنصورة ، ولم تعتذر ، ولم تسمح لمحاميها بكتابة إسترحام أو تبرير لقيادتها للمظاهرة ، كما طالبت السلطات العدلية كشرط للإفراج عنها .

وقفت المنصورة شامخة كالتبلدية ، رجلها القوية راسخة في الثرى ، ووجهها المتحدي الغاضب يرتاد الثريا ، مطالبة بالتحول الديمقراطي ، وبالكرامة والحرية ودولة المواطنة المتساوية لشعبها البطل .

 خرجت المنصورة من سجن امدرمان وهي باذخة شامخة ، وهي تصرخ :

 أعطني حريتي ، أطلق يديا ، أنني أعطيت الشعب السوداني ، ما إستبقيت شيئاً .

المنصورة ، وما أدراك ما المنصورة … قيادية مناضلة جسورة عرفت سجون الإنقاذ ، وإنقلبت بنعمة من الله وفضل لم يمسسها سؤ ، وما بدلت تبديلاً ! هي من الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم ، فزادهم إيماناً ، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .

وطفقت المنصورة تردد الآية 175 في سورة آل عمران :

 ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ ، فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ، إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) .

لا تخاف المنصورة المؤمنة من الشيطان ، ولا من اولياءه ، وتخاف فقط من الحق سبحانه وتعالى ، فالوزن يؤمئذ الحق .

ثورجية ومناضلو الكيبورد والسحاسيح والحناكيش يمتنعون !

 2- وقفة إحتجاجية يوم الجمعة 13 يونيو 2014 ؟

 دعا تحالف قوى الإجماع الوطني إلى وقفة إحتجاجية في ميدان الرابطة في شمبات يوم الجمعة 13 يونيو 2014 ، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين .

 جمعت المنصورة أخواتها وازواجهن واولادهن واخوانها وقادت الجميع إلى ميدان الرابطة مؤازرة للتحالف في وقفته الإحتجاجية . وكم كانت خيبة أملها كبيرة عندما لم تجد من قادة التحالف أحداً ليشارك في الوقفة وفي تعبئة الجماهير .

لم يستجب لدعوة التحالف للتظاهر من قادة التحالف ومكوناته من شيوعي وبعثي وما رحم ربك من مكونات … لم يستجب لها غير المنصورة واخواتها وأهلهن . ولم يتجاوز العدد المُتظاهر عدد اصابع اليدين والكرعين ( المنصورة واخواتها ) ، في لا مبالاة مرضية من قبل قادة التحالف ومكوناته ما انزل الله بها من سلطان ؟

 لم تكتب المنصورة لافتة ( حضرنا ولم نجدكم ) بالفحم ، وتنصرف . بل شاركت ومعها رهطها في الوقفة الإحتجاجية .

 القت قوات الأمن القبض على المنصورة ، وتم إقتيادها ومعها اخواتها إلى نقطة شرطة شمبات ، حيث تم حبسها ، قبل أن يُطلق سراحها ومعها أخواتها .

 تجد المنصورة مستعدة 24 على 7 للمشاركة في المظاهرات السلمية والوقفات الإحتجاجية والمسيرات الجماهيرية ، للمطالبة بالتحول الديمقراطي الكامل والسلام العادل الشامل . شاركت المنصورة في كل مظاهرة ، حتى الصغيرة منها ، من مظاهرات هبة سبتمبر 2013 .

تملك المنصورة على قدرات مهولة في تعبئة الجماهير ، وتجميعهم في مكان واحد في وقت واحد ليكون لمظاهرتهم أثر يُذكر . وتستعمل المنصورة تلفونها المحمول لإرسال الرسائل النصية ، والانترنيت والفيسبوك والتويتر وما رحم ربك من وسائط الإتصال الحديثة ، فهي ملكة الإتصال بدون منازع ، والمسئولة عنه في حزب الأمة ، وفي موقعها الجديد كنائبة للرئيس .

 تقول لك المنصورة إنه لكي تكون المظاهرة أو الوقفة الإحتجاجية مؤثرة وذات فعالية ، يجب أن يشارك فيها أكبر عدد من الجماهير . ولكي تضمن هذه المشاركة المهولة ، عليك بتعبئة الجماهير وحثهم على المشاركة ، وحشدهم في مكان واحد في وقت معلوم . ولن يتأتى لك ذلك إلا من خلال وسائط الإتصال الحديثة من تلفون محمول وإنترنيت وفيسبوك وتويتر ، وما رحم ربك من وسائط إتصال حديثة أخرى .

 على مر العصور، ظلت القدرة على تعبئة الجماهير، وحثهم على الاشتراك فى عمل واحد، كالقيام بمظاهرة ضد الممسكين بالسلطة، قرونا كثيرة محدودة للغاية ، رسمت حدودها التكنولوجيا المتاحة. فطالما ظلت تكنولوجيا الاتصال بسيطة وبدائية، ظلت القدرة على تعبئة الجماهير والتأثير فيهم بسيطة أيضا ومحدودة.

 تستلم هذه السطور ، ضمن آخرين كثر ، كل يوم تقريباً وفي مرات كثيرة عدة مرات في اليوم ، رسالة إنترنيتية من المنصورة للتنوير بما يحدث من أحداث محلية وإقليمية ودولية .

المنصورة بصدد تفجير ثورة تكنولوجية في حزب الأمة ومؤسساته ، وفي كيان الأنصار ومؤسساته ، إذ بدون الإستفادة من ثورة الإتصال لن يكون للتعبئة أثر يُذكر ، وبدون التعبئة تكون المظاهرات والوقفات الإحتجاجية كما مظاهرة ميدان الرابطة في شمبات يوم الجمعة 13 يونيو 2014 … وقفة عبثية لا تُسمن ولا تُغني من جوع .

نتمنى أن لا يكون حظ المنصورة في محو الأمية الرقمية بين بعض قادة كيان الأنصار وحزب الأمة وتحالف قوى الإجماع الوطني كحظ سيزيف مع الصخرة في الأسطورة الإغريقية المعروفة ؟

تلعب المنصورة اللعبة بفهم وتخطيط ودراسة ومواكبة لثورة الإتصال الحديثة .

 إذن نحن في أيادي أمينة ، نسمع كلامها وننفذ فيكون كل واحد منا منصورة كاملة الدسم .

ولكن منهم أميون رقميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ، وإن هم إلا يظنون ؟

 نواصل …