كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي في الإحتفال بذكرى تحرير الخرطوم

دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي

الذكرى الثلاثون بعد المائة لتكوين السودان الحديث

بقلم الحبيب الإمام الصادق المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي
 
السلام عليكم
 
السلام عليكم، وبعد-

 
يطيب لي أن أشارككم هذه الذكرى المجيدة. فأنا وإن كنت بعيداً جغرافياً قريب منكم وجدانياً مثلما قال شاعرنا:
 
وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم *** ​وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
 
لقد تجمعتم بدافع الإخلاص للدين والوطن، لا مخدوعين ولا مستأجرين، كعهدنا بكم منذ حركة التحرير الأولى في الدعوة المهدية، والحركة الاستقلالية الثانية، والانتفاضات الشعبية الرائعة في حماية مشارع الحق، والتصدي لجبروت الطغاة، والهمة الانتخابية لكسب الانتخابات الحرة.
 
واليوم أحدثكم حديثاً ما حديث الرواحل فأرجو أن تمنحوه عقولاً واعية، وقلوباً صاحية وأسماعاً مستجيبة.
 
كانت الدعوة المهدية في السودان التي قادت التحرير الأول آية من آيات الزمان.قال الشيخ محمد شريف عن صاحبها:
 
كم صام كم صلى كم قام كم تلى
 
من الله ما زالت مدامعه تجري
 
وكم بوضوء الليل كبر للضحى
 
وكم ختم القرآن في سنة الوتر
 
وقال عن الدعوة الشيخ الأزهري الحسين الزهراء: دعا إلى الله في وقت لا يرجو المرء أن يطيقه أحبابه وأخوانه فإذا الدهر بمن فيه أصحابه وأعوانه.
 
وبصفتي رافع رايتها في هذا الزمان، لا عن وراثة، لتحملي الاجتهاد والجهاد وانتخابي بموجب دستور الإمامة الذي وضعه الإمام الصديق وانطلق من القاعدة التي وضعها صاحب الدعوة، وجدد معناها الإمام المؤسس الثاني عبد الرحمن المهدي: “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”. بهذه الصفة أكتب على لوحها الوصايا الآتية:
 
أولاً: لم تكن الدعوة لطائفة جديدة بل لتوحيد أهل القبلة والأنصارية نفسها استجابة لنداء إلهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ)[1]. وأية مفاهيم خلافية علقت بالدعوة لا تلزمنا بل دعوتها أولت النصوص النقلية بالأنوار العقلية فأعرضت عن الشخصنة، إذ لا يعقل أن يعود شخص غاب منذ 14 قرناً مهدياً. هذا يناقض طبيعة السنن الكونية. ويناقض النص القرآني: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ* كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)[2]. والدعوة حررت الفكرة من التوقيت بآخر الزمان ففي آخر الزمان ترفع أوراق الامتحان كما جاء في نص القرآن: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْكَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خيْراً)[3] و(فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ)[4].
 
ومع ذلك فنحن لا نكفر من قاده اجتهاده لمفاهيم أخرى في المهدية وندعوهم لاعتبار المهدية هي وظيفة إحياء الدين على نحو ما جاء في التكليف القرآني: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَمَنْ أَنَابَ إِلَيَّ)[5].وقوله: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ)[6]. المهدية إذن هي دعوة إحياء الدين بالصورة المناسبة لظروف الزمان والمكان. ولكي نبعد الشبهات نقول إن الإمام المهدي عليه السلام قد وضع الميزان الآتي:
• قال: ما جاءكم منسوباً إلي أعرضوه على الكتاب والسنة فإن خالفها فأضربوا به عرض الحائط.
• وقال بالنسبة للشعائر والعبادات إنه متبع النصوص النقلية المحكمة.
• وقال بالنسبة للمعاملات والعادات وهي تراعي حركة الزمان والمكان: “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”.
• وأصدر راتباً طلب أن يقرأ في ساعتي الاستجابة وهي: (فَاصْبِرْعَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)[7] ولمن توهموا أن هذا الراتب أنه تميمة أو بديل للقرآن نقول: إنه مناجاة روحية مستخلصة من القرآن ولا تنسب لصاحبها أية مكانة خاصة بل غاية الاتضاع قال: (يا من يعطي للحقير عظيم الإحسان، فلا أحقر مني إن لم تتولني فأنقذني إلى ما عندك لأوثرك على جميع ما كان، فلا تردني إلى المهاوي، بما علمته في من المساوي برحمتك يا أرحم الراحمين. فلا أعرف إلا فضلك مع كثرة دواعي السقوط في الأطيان فأنقذني ومن صحبني ومن أحبني على حب نبيك صلى الله عليه وسلم لأجلك يا من بيده الأكوان).
 
انطلاقاً من هذه الأسس نعلن تخلينا عن أية مفاهيم من شأنها أن تزيد من تفرقة أهل القبلة ونؤكد أن تعاليم دعوتنا صالحة لتوحيدهم.
 
قال عن طبيعتها الوظيفية هذه الشيخ محمد العوام وهو أحد زعماء الثورة العرابية في رسالة سماها نصيحة العوام للخاص والعام من أخواني أهل الإيمان والإسلام قال فيها ما خلاصته: ان الخلافة العثمانية قد سقط تأهيلها. وحال المسلمين يتطلب أن ينهض ناهض بأمر الدين ومهما اختلفنا حول المهدية وشروطها فإنه يؤدي بدعوته وظيفة تتطلبها الأمة فعلينا تأييد دعوته. هذه الرسالة حاكمه بسببها وأعدمه غردون باشا.
 
وعندما اطلع عليها الإمام المهدي بعد تحرير الخرطوم أمر بطبعها وتوزيعها. وقد كان.
 
هذه خلاصة عطاء الدعوة الإسلامي.
 
وخلاصة عطائها الوطني أنها حررت الوطن من الاحتلال الأجنبي، ووحدته، وجعلته مركز إشعاع فكري واجتهادي لا إتباع لحركات فكرية واجتهادية من خارجه.
 
أما معناها في حاضرنا اليوم الذي ننادي به فهو:
 
أولاً: إدراك أن إحياء الدين يتطلب اجتهاداً لتحديد الواجب، وإحاطة بالواقع المعاصر، والتزاوج بينهما إنه إحياء حاضري ومستقبلي لا تقليد ما ضوي.
 
ثانياً: إدراك أن القتال في الإسلام دفاعي لصد العدوان وتحقيق حرية الدعوة بالتي أحسن أي بالقوة الناعمة. إن أية دعوة بالقوة الخشنة في هذا الزمان لا تجدي وهي تناقض النص المحكم: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[8]. ما يلائم الظروف العملية والأسس القرآنية: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)[9].
 
ثالثاً: هنالك مفاهيم ينبغي إجلاؤها فأهل السودان جمعوا بين كل ذوي البشرة غير السمراء الذين حاربتهم الدعوة المهدية لاحتلالهم بلادنا فقالوا: الحمرة الأباها المهدي. المهدي لم يأب ألوانهم بل أفعالهم. وقياساً على هذا المعنى نجلي مفاهيم أخرى:
• لسنا ضد بريطانيا فهي ذات مساهمة حضارية نيرة وذات فضلفي بناء الحضارة الحديثة. ولكننا ضد الإمبريالية.
• ولسنا ضد الأتراك فهم أهل قبلة مثلنا ولكنا ضد العثمانية في عهدها الأخير الذي فقدت فيه مقومات الخلافة وصارت مجرد احتلال طوراني.
• ولسنا ضد مصر فهم أشقاؤنا ولكننا ضد الخديوية والباشوية التي طالبت بالسيادة على السودان.
• كذلك نحن لسنا ضد اليهودية ولا المسيحية فهم معنا في المنظومة الإبراهيمية إذ نؤمن بإله واحد، وبالوصايا العشر، وبمكارم الأخلاق، وبالنبوة، والمعاد. ولكننا ضد الصهيونية الغاصبة، وضد الصليبية الجائرة.
 
لقد أصدرنا ميثاق الإيمانيين، ونأمل أن يتجاوب اليهود أما الصهيونية الغاصبة فندين اغتصباها للحقوق العربية خاصة حقوق الشعب الفلسطيني ونقف ضدها بكل قدراتنا حتى ترد الحقوق لأصحابها وندين كل تطبيع مع إسرائيل ونعتبر ذلك مشاركة في العدوان.
 
رابعاً: وموقفنا من الاستقطاب الإسلامي العلماني هو تأكيد أن الإسلام في حقيقته الغائبة عن المتطرفين يكفل حقوق الإنسان المتفرعة من المبادئ الخمسة: الكرامة، الحرية، العدالة، المساواة، والسلام. ويكفل حرية الأديان والمساواة في المواطنة. وفيما يتعلق بالعلمانية نقبل العقلانية، والمساواة في حقوق المواطنة، ونرفض إنكارها للغيب، وإنكارها التعددية التي تسمح بالمرجعية الإسلامية، وغيرها.
 
خامساً: نرفض رفضاً قاطعاً التكفير والتكفير المضاد بين أهل السنة والشيعة ونقول في هذا الأمر: نحن أمة كتابنا واحد، ونبينا واحد، ونؤمن بالتوحيد لله، والمعاد، والأركان الخمسة. هذا الاعتقاد المشترك يوجب علينا التعاون: صحيح نختلف حول مفردات تاريخية ولكن: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[10] ولا نستطيع حسم خلافاتها.
 
وهنالك خلافات مذهبية لا سبيل لحسمها بالقوة الجبرية ولا سبيل في أمرها إلا الدعوة بالتي هي أحسن والتعايش مع الاختلافات المذهبية. أما الاستقطاب الحالي فلا جدوى منه بل يوغر الصدور، ويسفك الدماء ويفتح أوطننا للهيمنة الدولية. ينبغي إنصاف الشيعة في أرض السنة، وإنصاف السنة في أرض الشيعة وتحريم التكفير والتعاون فيما يجمع بيننا في المجال الديني والفكري.
 
إن إذكاء نيران الاستقطاب السني الشيعي الحالي خيانة للدين والوطنية والسلام الدولي. كل إشعال للحروب الطائفية الحالية وتكتل لدعمها مصيره المساهمة في تدمير الأمة. لذلك نناشد كافة أطرافها وقف إطلاق النار فوراً، والتعاون لاحتواء المآسي الإنسانية، والمشاركة في مؤتمر دولي للمصالحة السنية الشيعية، والاستعداد لإبرام اتفاقية أمنية أضلاعها الجامعة العربية، وتركيا، وإيران. وسوف نخاطب كافة منابر الفكر المستقلة للمساهمة الفكرية في هذه الأهداف المنشودة.
 
سادساً: لا معنى لإقامة نظام الحكم على أي نمط تاريخي بل مبادئ الكرامة، والحرية، والعدالة، توجب نظاماً يكفل المشاركة، والمساءلة والشفافية، وسيادة حكم القانون. بالإضافة لهذه المبادئ فإن التفاوت الثقافي، والتنموي، والجهوي بين السكان يتطلب التوازن توخياً للعدالة. التوازن يتطلب اعترافاً بالتنوع الثقافي وإتاحة المجال للتعبير عنه، ويتطلب تمييزاً إيجابياً للمناطق التي لم تنل نصيبها العادل من التنمية والخدمات. ويتطلب لا مركزية حقيقية في ممارسة السلطة والإدارة. ويتطلب مشاركة عادلة في السلطة المركزية والمؤسسات. ويتطلب توازناً في علاقاتنا الإقليمية العربية والأفريقية.
 
وفيما يتعلق بالعلاقات الخارجية لا ينبغي للسودان أن يصعد معارك اصطفاف طائفي بل يعمل لاحتوائها.
 
وأهم قضايانا الخارجية هي:
• التحضير العلمي لمؤتمر عربي أفريقي يثمر إستراتيجية تكاملية.
• التحضير العلمي لملتقى لكافة دول حوض النيل لاحتواء الاستقطاب المنذر بالوعيد وتحقيق علاقة كلية واعدة.
• ملف العلاقة بين دولتي السودان، وسوف أطلب من دائرة الدراسات في الأمانة العامة توجيه الدعوة لممثلين لشعب دولتي السودان لدراسة آثار الانفصال بعد ثلاثة أعوام من حدوثه نتيجة لما غرس الاحتلال الأجنبي والاحتلال الداخلي الذي فرض أجندة استقطابية. آثار الانفصال على شعب البلدين وما يتطلب ذلك من مراجعة، وماهية الصلة الخاصة المطلوبة بيننا. دراسة ترفع للأجهزة صاحبة القرار السياسي.
• الاهتمام بما يمكن أن يحققه الحوار الوطني الناجح من التزام دولي للسودان إذا ابرم سلاماً عادلاً وشاملاً وتحولاً ديمقراطياً كاملاً بإعفاء الدين الخارجي، ورفع العقوبات الاقتصادية، والتطبيع مع الأسرة الدولية.
 
المشاركة في تعريف منضبط للإرهاب حتى لا يعرفه كل حسب هواه ثم المشاركة في مواجهته إقليماً ودولياً.
 
سابعاً: نلتزم بالتنمية ونعتقد أن اقتصاد السوق الحر خير وسيلة لوفرة الإنتاجولكن مبادئ الاشتراكية خير أسس لعدالة التوزيع ما يوجب إتباع طريق توفيقي لتحقيق التنمية العادلة. منطقتنا الآن تعاني من تخلف تنموي فالإيرادات الريعية ليست تنمية، وتعاني من تفاوت طبقي بين قلة ثرية وكثرة في فقر مدقع، وعطالة ضحاياها معظم الشباب لا سيما المتعلمين. هذه حالة تستدعي الانفجار. ونحن في بلادنا نرجو أن نقدم قدوة بما نرجو أن نحقق من تنمية تحقق السوق الحر الاجتماعي أي الذي يتوافق مع العدالة الاجتماعية.
 
ثامناً: القومية أساس انتماء موضوعي، ولكن طغيان قومية على غيرها يدمر النسيج الاجتماعي في وقت فيه منظومة حقوق الإنسان حامية للجميع. قوميتنا مركبة: عربية، زنجية، تبداوية، نوبية، نوباوية وهذا يوجب الالتزام باستحقاقات القومية المركبة.
 
تاسعاً: العالمية مرحلة تطور حميد للحضارة الإنسانية. ولكن عوامل التفاوت في كثير من المجالات جعلت العولمة وسيلة للهيمنة الدولية وهذا يوجب الإشادة بالعالمية والاحتراس من آثار العولمة.
 
عاشراً: إن للوطنية، والقومية، والدين، والعالمية، أسس انتماء موضوعية وهي حلقات انتماء تتداخل ولا تتناقض إلا لدى التعصب الكريه.
 
أخيراً: هذه الأهداف لا تتحقق من تلقاء نفسها بل ينبغي أن يحمل عبئها تنظيم حزبي ديمقراطي محكم في حد ذاته ومنفتح للتعاون القومي من أجل بناء الوطن بموجب الأهداف المشتركة.
 
إن لحزبنا قيادة مؤهلة، وقاعدة صلبة، والتزم مؤسسية مرنة مكنته من الصمود في وجه نظم الطغيان التي جعلت تدميره هدفها الأسمى، فاستخدمت في سبيل ذلك إغراء بعض أعضاء حزبنا ولكنهم جميعاً صار تدبيرهم في تدميرهم. وصمد حزبنا كما صمد في وجه كل الطغاة وظهر قوياً عندما انكشفت الغمة وجاءت الحرية. كل من حكم السودان بالقهر عرض علينا المشاركة بل المناصفة في نظامه. ولكننا رفضنا أية مشاركة ما لم تقم على أساس دستور ديمقراطي ومهما تعرضنا له من ابتلاءات لم نستجب.
 
والآن حزبنا المنتظم في عقد مؤتمراته تقوده كوادر منتخبة مركزياً وفي كل الولايات وتمثله 63 هيئة في كل بلاد العالم قياداتها المنتخبة. وحزبنا الآن ينادي بميثاق وطني يضم كافة قوى المستقبل الوطني.
 
نحن مع قوى نداء السودان كلفنا من سوف يقدم صياغة نهائية لهذا الميثاق والذي نأمل أن تجيزه بالصورة النهائية قوى نداء السودان وأن تشترك فيه كافة القوى التي تتطلع لنظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.
 
ونتبنى خريطة طريق لتحقيق ذلك الميثاق واضحة فحواها حوار باستحقاقاته وجد اتفاقاً وطنياً واسعاً ودعماً أفريقياً ودولياً يبدأ في الخارج في ملتقى تحضيري لتوفير عوامل بناء الثقة ثم ينتقل لداخل البلاد بهدف حوار يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل على نمط (كوديسا) جنوب أفريقيا، وعدد من دول أمريكا الجنوبية، وجنوب أوربا، وشرقها؛ أو إذا استكبر النظام فإننا نؤسس على حملة (ارحل) الناجحة، ونشرع في حملة (هنا الشعب) التي يدخل اجتماعكم هذا في بدايتها ليصير الموقف أن تجنى البلاد إحدى الحسنين: نتيجة الحوار المجدي أو الانتفاضة السلمية.
 
ويطيب لي أن أؤكد أننا الآن على تفاهم مع فصائل نداء السودان والقوى الأخرى التي تشاركها نفس الأهداف. صحيح هنالك بعض الهزات في الصفوف ولكنها ليست مبدئية، ونعدكم بأننا سوف نحتويها لتقف كل قوى السلام والديمقراطية في صف واحد مقابل قوى الحرب والاستبداد.
 
في هذه المسيرة الهادفة لحزبنا نقول بوضوح الآتي:
 
حزبنا تماسك في وجه تدابير الطغاة وعقد مؤتمراته السبعة بانضباط مؤسسي وديمقراطي، وصار رائد الفكر والمبادرة السياسية في البلاد. وأثناء مسيرتنا الصاعدة تخلف بعض الأعضاء عن الركب، وما دمنا على عتبة المؤتمر العام الثامنوما دمنا نستشرف مرحلة جديدة في المسيرة الوطنية فإننا نقول لهم:
 
أولاً: الذين كونوا لأنفسهم أحزاباً وانضموا لنظام الطغيان لا مكان لهم في صفوفنا.
 
ثانياً: الذين كونوا أحزاباً ضراراً أو انضموا لمنظمات سياسية أخرى فقدوا عضويتهم في حزبنا بنص الدستور.
 
ثالثاً: وبصفة عامة نقول للكافة: كل من أخذ موقفاً معادياً للمؤسسية الديمقراطية في حزبنا يعرف كيفية خروجه ويمكنه العودة بالدرب الذي خرج منه. ونحن نرحب بهذه المراجعات فالرجوع للحق فضيلة. وقد أسند هذا الملف للجنة برئاسة اللواء “م” فضل الله برمة وسوف تعرض ما قامت به للأجهزة المعنية لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.
 
كذلك وبتوصية من الأمينة العامة وجهنا الدعوة للقاء تشاوري في يومي 29 و30 من هذا الشهر. هذا اللقاء يفترض شرعية المؤسسات القائمة ويمنح فرصة لمن تحفظوا عليها لمناقشة كيفية المشاركة في النشاط المؤسسي، وفي ورشة التحضير للمؤتمر العام الثامن، وفي اللجنة العليا المنظمة لذلك المؤتمر.
 
أخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي
 
في ذكرى تحرير الوطن، وتوحيده، وتأصيله، وتعميده فاعلاً في ساحة النضال، والتحرير، والتأصيل أبشكركم بأن الفجر آت وأن عناية الله تجعل لكل مجتهد نصيب وأن في سنة الحياة:
 
إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ​ *** يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ
 
هذا مع أطيب التمنيات وصالح الدعاء.
——————————————————————————————————
[1] سورة الصف الآية (14)
 
[2] سورة الأنبياء الآيتان (34،35)
 
[3] سورة الأنعام الآية (158)
 
[4] سورة غافر الآية (85)
 
[5] سورة لقمان الآية (15)
 
[6] سورة الأنعام الآية (89)
 
[7] سورة ق الآية (39)
 
[8] سورة البقرة الآية (256)
 
[9] سورة البقرة الآية (125)
 
[10] سورة البقرة الآية (164)