د. مريم الصادق المهدي: الحرب آتية في حالتي الانفصال أو الوحدة

الحبيبة الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي القيادية بحزب الأمة القومي ومساعدة الأمين العام لشئون الاتصال

 

أكدت في حوار مع “الخليج” أن أجندة المجتمع الدولي قيد التنفيذ

25 سبتمبر 2010

 

حاورها في الخرطوم – عماد حسن

الدكتورة مريم الصادق المهدي القيادية في حزب الأمة القومي، تنهمك هذه الأيام في تحضيرات للمؤتمر السوداني الشامل، كمؤسسة وناطقة باسم التحالف الوطني المعارض وممثلة لحزب الأمة القومي من خلال منصبها مساعدة الأمين العام لشؤون الاتصال .

الخليج التقتها رغم برنامجها الحافل باجتماعات ولقاءات وفود أجنبية، لتكشف أن المؤتمر الشامل سيعقد يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتؤكد أن اجتماعات نيويورك المنعقدة هذا الأسبوع بشأن مستقبل السودان لن تفيد البلاد، لأن المجتمع الدولي يعزف خارج الشبكات السودانية وحذرت من الحرب في حالتي الوحدة أو الانفصال .

وقالت المهدي إن مصلحة أمريكا كانت في فترة ما مع الوحدة، لكنها تتحرك الآن نحو الانفصال . ورغم اعترافها بأن الوطن مأزوم وفي ورطة كبيرة، فإنها متفائلة بوجود طريق للخلاص يجب على الحكومة اتباعه، مؤكدة أن مصلحة السودان في وحدته، وأن مصدر القلق ليس الوحدة أو الانفصال، بل أجندة المجتمع الدولي التي تتحقق، وكشفت أن القوى السياسية تعكف على إدارة الحوار في ما تبقى من زمن، لأن الاستفتاء أخطر مرحلة تمر بها السودان، وتالياً الحوار:

 

ماذا يفعل حزب الأمة القومي والقوى السياسية الأخرى لتجنيب البلاد مخاطر الأنفاق المظلمة التي تنطلق فيها وصولاً إلى موعد الاستفتاء في يناير/كانون الثاني المقبل الذي سيفضي إلى انفصال أو وحدة؟

حزب الأمة القومي وقوى الإجماع الوطني يعملون ضمن لجنة تحضيرية أنشئت أخيراً للإعداد للمؤتمر السوداني الشامل، ونحن أعضاء في هذا المؤتمر وممثلة للحزب حسب منصبي مساعدة الأمين العام للاتصال . بالنسبة لنا ليس مصدر الهم أو القلق أن يتوحد السودان أو ينفصل، لأن الاثنين خياران دستوريان معروفان ومتفق عليهما، وتم التوافق السياسي عليهما قبل فترة ليست قصيرة إبان مؤتمر أسمرا للقضايا للمصيرية الذي أطر لهذه الرؤى، كمدخل للتصالح والاستقرار والأمان في السودان منذ يونيو/حزيران 1995 .

واتفاقية السلام الشامل التي جاءت بعد عشر سنوات شكلت الواقع السياسي الرسمي في السودان وأصبحت دستور السودان الذي يتحدث عن هذه الخيارات، وبالتالي فإن الخيارات ليست مصدر القلق ولا الخوف والتوجس من المستقبل، إنما مصدر كل هذه السوداوية التي تلف الساحة السودانية الآن، وتعصف بعقل كل فرد سوداني وإفريقي وعربي ومهتم بالسياسة الدولية، هو أن الناس مقبلون على استفتاء متفق على مواعيده وأسسه .

لكن هذه الاتفاقات لم تنفذ، ومن ثمّ أصبح الناس ماضين إلى مصير غير معروف، إذ ليس هناك حوار موضوعي حول الوحدة والانفصال، هناك حديث وفعل غاضب متبادل وآمال وتمنيات غير مؤسسة وغير مصحوبة بعمل حقيقي . فالذي يخطط ويعمل حقيقة برؤى واضحة ومؤسسة هو المجتمع الدولي، وبالتالي تجد ان أجندة المجتمع الدولي في السودان هي التي تتحقق، ونحن كقوى سياسية نعمل ونعكف على إدارة الحوار في ما تبقى من زمن قليل (أقل من أربعة أشهر) .

 

ما هو محور المؤتمر الذي تحضرون له؟

تتمحور حياتنا وقضيتنا الآن في إزالة العقبات من أمام أهلنا في جنوب السودان، فعلاً وقولاً، لأن يروا بموضوعية جدوى الوحدة سواء للجنوب أو السودان أو كل المنطقة، ومخاطر الانفصال ومضاره وكيفية كشفها وفضحها، ومن ثمّ مقدرتنا على الوصول إلى استفتاء حقيقي يعرف الناس الحد الأدنى من فضائل ومخاطر الخيار المقبلين عليه، وليس بالطريقة القائمة الآن والتي بها تكريس كبير جدًا لافتعال صراعات أو صرف النظر عن القضية نفسها، وكل ذلك سيتم عبر المؤتمر السوداني الشامل الذي نأمل الوصول فيه إلى نقاش حقيقي حول الموضوع، ونتواضع جميعاً على الاتفاق حول خيار أهلنا في الجنوب .

 

المؤتمر الشامل مرفوض من الحكومة، وقد دعا البشير إلى لقاء شامل لم يجد قبولاً من القوى السياسية وقاطعته، ماذا يمكن أن يقدمه حزب الأمة من اختراق للمواقف المتعنتة من الطرفين وللجمود وصولاً إلى ما يمكن إنقاذه قبل الاستفتاء؟

الآن بواقع المضي قدماً بهذا المؤتمر من قبل الأحزاب السياسية ليس هناك جمود، لأننا لم نعد ننتظر خطط المؤتمر الوطني، ولم يعد هو المؤثر، عانينا طوال فترة ما قبل الانتخابات في إبريل/نيسان الماضي من أن المؤتمر الوطني يكون المؤثر الوحيد بالفعل ونحن نقوم بردة الفعل، الآن بطريقة الإعداد لهذا المؤتمر أخذ الأمر منحى جديداً، لم نعد في انتظار استجابتهم أو عدمها، نحن نريد إخوتنا في المؤتمر الوطني معنا ضمن هذا المجهود، وبهذه الصورة تكون كل القوى السياسية السودانية موجودة في حوار ونقاش حول القضية، ويشكل ذلك بالفعل فكرة الإجماع الوطني، وبالتالي الدعوة لهم موجودة ومتصلة، ونحن جلسنا معهم واتفقنا على أهمية مشاركتنا جميعاً في لقاء يتناول القضايا، ويتيح ذلك أيضاً أن نخطط للخلاف بيننا، خاصة أن الآخرين خططوا للخلاف بينهم ويعرفون تماماً مواقعنا، ومن ثمّ لا أحد يتحدث عن إقصائهم أو إبعادهم أو عدم إعطاء دور لهم، وأخوتنا في المؤتمر الوطني هم الذين اختاروا هذا الموقف، حسب تصريح مساعد رئيس المؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع التي تؤكد أنه قبر الآخرين، ويمضي مخططاً لقبرهم تماماً، وما يفتخر به إعلامياً هو أخذ أعضاء من المعارضة وضمهم إلى المؤتمر الوطني، لكن القوى السياسية لا تجاريهم في هذه الترهات ولا تلتفت إلى نافع ومجموعته داخل المؤتمر الوطني، لأن الوضع في السودان الآن تجاوز مثل هذه الألاعيب الصبيانية عديمة الجدوى .

 

إذاً، ماذا تفعلون الآن لإبعاد شبح هذا الوضع عن البلاد الذي يستسهله الآخرون بصبيانية كما تقولين؟

نحن الآن نمضي قدماً، مستدركة، دعني أعود إلى ما تفضلت به عن لقاء رئيس الجمهورية، لم نقاطع نحن بل بالعكس ثمنّا الدعوة واعتبرناها فرصة جيدة وتطوراً كبيراً، بالذات بعد التأجيل الأول للقاء، على أساس أن نحضر له جميعاً ونكون في مستوى واحد من الإعداد وتحضير أجندة تعرف ما تريد، لكن للأسف هم الذين اختاروا إبعاد الآخرين عن طريق أسلوب العاجبو عاجبو . . .

وأعود للسؤال، الآن هناك حوار مفتوح عن طريق دائرتهم السياسية بقيادة البروفيسور إبراهيم غندور على كيفية التحضير للمؤتمر، ثم بعد ذلك الحديث عن رفد هذا المجهود بطرف ثالث سوداني من الجهات الأكاديمية والمجتمع المدني، والحديث عن كل القضايا: استفتاء، وحدة، وانفصال، ليست هناك مشكلة، المشكلة تكمن في طريقة المؤتمر الوطني وهي أن يقوم الآخرون بدور الكومبارس وهذه طريقة تجاوزناها ولن نتعامل بها .

 

هل يمكن أن يقوم المؤتمر الشامل قبل قيام الاستفتاء، وهل يمكن أن يقوم بما يدفع إلى وحدة البلاد؟

نعم نمضي في هذا الجهد على قدم وساق، وأنا شاركت في اجتماع تحضيري وهناك اجتماع آخر، وسينعقد المؤتمر مبدئياً في 21 أكتوبر/تشرين الأول المقبل كمناسبة تاريخية وطنية مهمة، وهذه المهلة فرصة جديدة للتحضير وقد بدأت اللجان الأربع عملها، وسيخرج بأسس واضحة يتفق عليها كل القوى السياسية، وهي كيف يكون السودان واحداً وعلى أي أساس وستكون واضحة وتفصيلية ونحن سنعلن التزامنا بها .

سيكون واضحاً لنا في عشية الانفصال ما هو المطلوب لكن هناك جهة معروفة لم تنفذه، وبالتالي ستكون المسؤوليات التاريخية حينها واضحة، وهذا سيعطي فرصة بعد زوال ثورة الغضب التي سيصوت بها الناس، أن ننادي إلى استفتاء آخر وإعادته، وان علاقتنا بإخوتنا في الجنوب قائمة على المواطنة وليس على أساس بترولهم أو عدم قدرتهم على إدارة دولة، ويمكن مناقشة أن الاستفتاء قام في ظروف غير مواتية من ناحية حريات وقوانين، ومن ثمّ يمكن لتلك الرؤى أن تصبح أساساً للغة مشتركة للتخاطب إذا كنا في بلد واحد أو بلدين منفصلين .

 

هل هناك قبول ومشاركة من كل القوى السياسية في هذا المؤتمر؟

نعم القبول كبير والمشاركة واضحة، لأن القضية خطيرة، وليس هناك أخطر من الانفصال .

 

مازال سؤالي المحوري قائماً، في ظل ما تعتقدون من تعنت حكومي، ما هو المنتظر من القوى السياسية من خلال مؤتمرها الشامل لتجنيب البلاد مخاطر الانفصال؟

من واقع ما جرى في الانتخابات الأخيرة، خلصنا إلى أن نعترف بأن مسؤولية تأمين البلاد ووحدتها وسلامتها ليس من حق الحكومة وحدها لأنها أسيرة نفسها، ونحن في حزب الأمة تحدثنا عن منابر الحوكمة البديلة ولجأنا إلى التشخيص الواضح، ورغم أن القوى الأخرى لم ترق إليه، فإن هناك رؤى بالمستوى الشعبي والاجتماعي وبالمصداقية نعمل على ألا تحدث هزات خطيرة بسبب المطبات التي يقبل عليها السودان، وعلينا كقوى سياسية وشعب أن نأخذ مسؤوليتنا وهذا ما نمضي به الآن، ولا ننكر أنه من المجدي والأيسر لو كان هذا الفعل بمشاركة الحكومة ومؤسساتها التحتية، حتى يكون الحراك فعالاً والتقت مع الأحزاب في كيفية إخراج المواطن من هذه المطبات بأقل الآثار السلبية، لكن للأسف الحكومة ومنذ الانتخابات رأت أن تقصي الآخرين بصورة مفضوحة وغير مسبوقة أضحكت علينا العالم .

 

ألا يمكن تجاوز المرارات بما فيها الانتخابات من أجل الحفاظ على مستقبل البلاد؟

الانتخابات لها آثار خطيرة على الاستفتاء وهو أخطر مناسبة ستمر بها البلاد وهي في أشد حالات الاستقطاب، وبالتالي لم يكن هناك من داع لما جرى في الانتخابات التي جرت بفعل فاعل .

 

تدويل مرفوض ومرغوب

 

أليس هذا هو التدويل المرفوض من جانبكم وتحقيقاً لأجندة المجتمع الدولي في السودان؟

هذا مخرج من الأزمة، والأمم المتحدة موجودة أصلاً على مستوى عال عبر بعثات مختلفة في جنوب السودان وفي دارفور، وقد قامت في شهور قليلة بإيصال قضية آبيي وبصورة غير مسبوقة إلى محكمة التحكيم الدولية وهي أصلا بين دول، فكيف إذا أدخلت بين حزبين حاكمين في دولة واحدة؟ فهذا تدويل .

هناك قضايا شائكة في عملية الاستفتاء لن يحسمها الزمن، لذلك نرى إعطاء الأمر إلى لجنة حكماء وطنيين ومنحهم مدى زمنياً قبل يناير/كانون الثاني 2011 لحل القضايا العالقة، وقد سمينا عشرين قضية منها، وبغض النظر عما ستؤول إليه الأمور إذا انشطر السودان إلى اثنين أو استمر واحداً، لأننا نعتقد أن حل تلك القضايا مثل الحدود وآبيي ودارفور والقضايا العالقة بين الشريكين، هو الأهم حالياً، ويجب حلها قبل معرفة نتيجة الاستفتاء .

 

تعديل الدستور

 

هل هناك إمكانية لجلوس الجميع وتعديل الدستور كما يحدث في كثير من بلاد الدنيا، لتجنب موعد الاستفتاء أو قضية الاستفتاء نفسها؟

الدستور مخروق أصلاً وقد أصبح كمصفاة من كثرة الخروقات، والحكومة نفسها غير دستورية وغير شرعية لأكثر من عام، والانتخابات تم تأجيلها أكثر من مرة، ومفوضية حقوق الإنسان لم تقم حتى الآن، كل هذه قوانين دستورية مخترقة، ليس هناك من يتمترس الآن خلف هذا دستوري أو غير دستوري، فالوضع كله غير دستوري، جهاز الأمن غير دستوري، إذا غيرت النص الدستوري الخاص بمهام جهاز الأمن فأنت اخترقت الدستور بسهولة كما تشرب الماء .لكن إذا أتيت بإجراء يحفظ البلاد واستقرارها ويعزز الثقة، مثل تأجيل الاستفتاء يمكن للجميع أن يتحدثوا في الأمر بصورة جادة، وإذا اتضح أن التأجيل سيأتي بمشكلة ويعزز عدم الثقة يرفض الحديث في الأمر .

والمشكلة الآن الدستور الماشي بيه الوضع دا لو جاء التصويت انفصالاً، سيقول المؤتمر الوطني إن هناك تزويراً، والعكس إذا جاءت النتيجة وحدة ستقول الحركة الشعبية إن هناك تزويراً وقع، وفي الحالين ستكون هناك حرب، إذا ظل السودان جسماً واحداً ستقع حرب أهلية، وإذا تحقق انفصال ستكون هناك حرب بين دولتين جارتين .

 

ما قراءتك للأوضاع حالياً؟ وإلى أين تمضي الأمور؟

الوضع الحالي خطير جداً ولا تلوح من خلاله أي إيجابية أو راحة للسودانيين في الشمال أو الجنوب أو دول المنطقة، وللأسف أن المجتمع الدولي الذي من المفترض أن يكون أكثر حيادية وموضوعية، مكرس نفسه في خدمة أجندته الخاصة بالبترول وخلافه وكلها قصيرة المدى، لأنه يفتح أبواب الحروب التي قد تنشأ بعد ،2011 وفي النهاية سيأتي هو نفسه بالإرهاب الدولي والأمن الإقليمي والاستراتيجي في القارة الإفريقية وستفتح كل الملفات، وإذا كسبوا بأخذ البترول من الصينيين حلفاء المؤتمر الوطني، وذهب إلى الأمريكان حلفاء الحركة الشعبية، ستسوء الأمور كثيراً .

 

رهان مناطق التماس

 

في إطار السؤال المحوري نفسه، ماذا سيقدم حزب الأمة بحكم مواقفه التاريخية، وما التنازلات الآنية التي يمكن بها أن يقيل عثرة السودان؟

الرؤية السابقة واضحة أمامنا، وفي الوقت نفسه أن نخلق في مناطقنا (مناطق التماس) علاقات مباشرة مع الذين سيتأثرون بصورة مباشرة، وذلك على مستوى الفعل الاجتماعي، وسياسياً عن طريق علاقتنا مع الحركة الشعبية، حتى لا يصبحوا وقوداً لحرب ثانية قادمة لا محالة، هذه رؤيتنا الواضحة والمقدور عليها، فضلاً عن استعدادنا الكامل لإنجاحها من دون قيد أو شرط والعمل على أن تتحقق في إطار الزمن المتبقي، وهذا ما يمكن عمله .

 

هناك اتهام بأن حزب الأمة وبقية القوى الأخرى تنتظر ما سينتج عن الورطة التي أدخلت الحكومة نفسها فيها وهي الاستفتاء، تنتظر شامتة أو مؤملة في دور بعد ذلك؟

اتهام غير صحيح، لأننا الآن نعمل لعقد المؤتمر المقبل ونقول ما نراه نصحاً للمواطن، وإذا كان المطلوب الانتظار فنحن غير ذلك، مع كل التخويف والترهيب وقمع الحريات والتزوير واحتكار الإعلام والتغييب، نحن هنا، نعم كل الحراك الآن قائم به المؤتمر الوطني بصورة أساسية، لكن في النهاية أي حلول تأتي من طرفنا ستصب في مصلحة الحكومة، لأننا ننظر لمصلحة وطننا ونشتغل بكل ما أوتينا من قدرات ومجهود ومعرفة .

 

مؤتمر نيويورك والتدخل الدولي

 

ما المتوقع من مؤتمر نيويورك هذا الأسبوع لجهة حلحلة أزمات البلاد؟

لا شيء، لأنها احتفالية أخرى، مازالت قائمة على نفس المصفوفات، بحضور الشريكين وهما لا يمثلان كل السودان، وبينهما ما صنع وما لم يصنعه الحداد . حقيقة ستكون حفلة أخرى لمجتمع دولي، وهناك حفلات كثيرة مشابهة، مثل حفلة الرئيس أوباما عندما تسلّم الحكم، وحفلة المبعوث اسكوت غرايشن في واشنطن في يوليو/تموز ،2009 ثم احتفالية المجتمع الدولي الأخيرة في الخرطوم التي حولت دور مبيكي رئيس لجنة حكماء إفريقيا من منفذ لتقريره في دارفور إلى منفذ لاتفاقية السلام، حتى ينسى قصة دارفور . الشاهد أن المجتمع الدولي يعزف خارج الشبكات السودانية ويعمل لمصلحته على المدى القصير وليس المتوسط، لذلك احتفالية نيويورك لن تأتي بجديد ولن تغير أي واقع إذا لم تأت بمزيد من الإخفاق، وكما فعل غرايشن بالمعزوفات المارشالية سيخفق المبعوث الجديد الذي سيأتي معه، لا توقع أي جديد لمصلحة السودان أو عودة الوعي إليه، كل ما في الأمر أن تمضي الأمور إلى الاستفتاء الذي سيؤدي إلى حرب .

الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كانت أمامهما فرصة كبيرة لينجحوا في تحقيق إنجاز كبير في السودان، لأن هناك قبولاً لدورهما .

 

المصالح الأمريكية

 

هل المصلحة الأمريكية مع الانفصال أم الوحدة؟

كانت مصلحتهم في فترة ما مع الوحدة، ولكن تحركت المصالح هذه الأيام نحو الانفصال، بأجندة قصيرة المدى وبالتالي من المتوقع أن يكون اجتماع نيويورك هذا الأسبوع جزءاً من الاحتفالات الدولية عديمة المحتوى والمكلفة مادياً، حتى أصبحت من دون مصداقية .

 

هناك توصيف ساذج يرى مصلحة الشمال في الانفصال، ومصلحة السودان كله في ابتعاد جنوبه عن شماله، وهو رأي معتبر من رجل الشارع ومن قياديين ودوليين . . ما هي رؤيتكم؟

هذه خيارات دستورية لها جدواها، لكن نحن كحزب نعتقد في الوحدة المصلحة الكبيرة لجنوب السودان وشماله والمصلحة الكبيرة للسودان الواحد ولإفريقيا والعالم قاطبة. نرى في وحدة السودان كل هذه المصالح . ولا ننكر أن هناك مصالح جزئية للانفصال ووافقنا عليه كخيار دستوري نحترمه، لكن المصلحة الأساسية في الوحدة.

النقطة الأخطر هي أن المشكلات ليست بين الشمال والجنوب، المشكلات بين الجنوب والجنوب والشمال والشمال، وعندما نستسهل ألا نجلس على الأرض ونحل مشاكلنا بصورة حقيقية ونحل مشاكلنا بالطلاق والفراق والانقسامات والانفصال ستكون مدخلاً وسابقة إلى أن تحل المشكلات في الجنوب بنفس الصورة والمشكلات التي ستستمر في الشمال ستحل بنقس الطريقة، وفجأة وبعدما كنا الدولة الإفريقية والعربية الأكبر، سنتحول إلى أحياء صغيرة .

 

دارفور توأم الاستفتاء

 

ترى القوى السياسية أن حل مشكلة دارفور هي حائط صد لضمان الوحدة ولا ترى انفصال قضيتها عن الجنوب في هذه المرحلة، وهي عثرة أمام نقطة الالتقاء مع الحكومة؟

هي ليست مشكلة فقط، بل هي أساس المشكلة، طوال عشر السنوات الماضية تعامل المجتمع الدولي معنا بطريقة الإرجاء، يقول نحن الآن نحل مشكلة جنوب السودان، وليس هناك أهمية لأي أمر آخر، ثم اندلعت أزمة دارفور، وفوراً أرجؤوا الجنوب بحجة أن هناك مشكلة داخلية غطت على الجنوب واتفاقيته، حتى وجدت صعوبة في أن يراها المجتمع الدولي، وتراجع الاهتمام بالجنوب والإيفاء بتنميته وإعادة نازحيه، لأن الأولوية صارت لدارفور . الآن قرر المجتمع الدولي أن تنام دارفور لأن الحكومة ترغب في استراتيجية جديدة بأن تتخلص من معسكر كلمة، ويرتفع الاهتمام بالاستفتاء، الشاهد أن هذه الطريقة الخطرة التي انتهجها المجتمع الدولي في السودان بتأييد من الشريكين، هي تبسيط خطير أدى إلى تعقيدات . نحن نقول إن الشأن السوداني شأن واحد لا ينفصل ومرتبط مع بعضه، ومشكلة دارفور تؤثر تأثيراً مباشراً في الجنوب، لو حلت بطريقة ناجزة وصحية ستنعكس إيجابياً على قضية الاستفتاء، وإذا الاستفتاء قام وجاء بانفصال، فإنه يعطي جدوى للأصوات البسيطة في دارفور التي بدأت تنادي بتقرير المصير، إذاً القضايا ليست منفصلة بل تؤثر في بعضها بعضاً .

 

هل تتوقعين أن يقوم الاستفتاء في موعده المحدد؟

نعم أتوقع ذلك لأن هذه إرادة المجتمع الدولي والآن هي إرادة الجنوبيين، لأن الغضب يسيطر عليهم ولا يريدون أي يوم زيادة مع المؤتمر الوطني، والمجتمع الدولي يعتقد أنه كلما صنع دولة جديدة، يقدر أن يهدئ الأوضاع . والمؤتمر الوطني ضد هذه الرؤية لكنهم سينصاعون لها في النهاية . ونحن في حزب الأمة رأينا أن نحافظ على المواعيد ونحولّ عدداً من القضايا للجنة حكماء على المستوى السياسي .

 

 

الخليج