حلايب وشلاتين دائرة انتخابيّة مزدوجة لبرلمانين في الانتخابات المرتقبة بمصر والسودان

Egypt's President Abdel Fattah al-Sisi (L) talks to Sudan's President Omar al-Bashir at Khartoum International Airport in Khartoum, June 27, 2014 - photo by REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah
Egypt’s President Abdel Fattah al-Sisi (L) talks to Sudan’s President Omar al-Bashir at Khartoum International Airport in Khartoum, June 27, 2014 – photo by REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah

القاهرة – ارتباك صامت تشهده العلاقات المصريّة – السودانيّة حاليّاً، بعد إقرار الخرطوم قراراً سابقاً بإعلان منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها على حدود البلدين دائرة انتخابيّة وتطبيق ذلك في الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة مطلع عام 2015. بينما تستعدّ القاهرة هي الأخرى لإجراء انتخاباتها البرلمانيّة بمشاركة الدائرة الانتخابيّة ذاتها في نهاية العام الحاليّ، باعتبارها جزءأً لا يتجزّأ…

بقلم ولاء حسين

أكتوبر 12, 2014

القاهرة – ارتباك صامت تشهده العلاقات المصريّة – السودانيّة حاليّاً، بعد إقرار الخرطوم قراراً سابقاً بإعلان منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها على حدود البلدين دائرة انتخابيّة وتطبيق ذلك في الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة مطلع عام 2015.

 بينما تستعدّ القاهرة هي الأخرى لإجراء انتخاباتها البرلمانيّة بمشاركة الدائرة الانتخابيّة ذاتها في نهاية العام الحاليّ، باعتبارها جزءأً لا يتجزّأ من الأراضي المصريّة، وفقاً لما أعلنه المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة المصريّة،

وهو الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً، خصوصاً مع تزايد المطالبات من الأحزاب السياسيّة في مصر بسرعة تحرّك الرّئيس المصريّ لحسم الأمر قبل موعد الانتخابات السودانيّة، معتبرين أنّ السودان خالفت القانون الدوليّ بهذا القرار، الذي وصفوه بالمعادي لمصر.

 ووفقاً للقانون الدوليّ لا يجوز اعتماد منطقة واحدة كدائرة انتخابيّة في دولتين، والحديث لأستاذ القانون الدوليّ الدكتور أحمد رفعت، الذي قال لـ”المونيتور”: هناك 3 أنواع من الحدود التي تفصل بين الدول، وفقا للأعراف الدوليّة، وهي: الحدود الإداريّة، الجمركيّة، والسياسيّة، وأهمّها هي الحدود السياسيّة للدولة لأنّها ترتبط بفكرة سيادة الدولة على أراضيها “.

 واعتبر أنّ القرار السودانيّ بضمّ منطقة حلايب إلى الدوائر الانتخابيّة السودانيّة مخالف للقانون الدوليّ، إذ ليس من حقّ السودان الاشراف على انتخابات داخل الحدود المصريّة.

 وأوضح أنّ اختصاصات السيادة المصريّة على منطقة حلايب حدّدتها خطوط ترسيم الحدود بموجب اتفاقات دوليّة باعتبارها جزءاً من مصر، بينما كان هناك اتفاق إداريّ بين البلدين في العام 1902 بتفويض السودان بإدارة شؤون القبائل السودانيّة التي نزحت إلى هذه الأراضي، وقال: “إنّ مصر ألغت هذا الاتفاق، ولم تعد هناك قبائل سودانيّة في مثلّث حلايب وشلاتين، وتمّ إخراجها “.

 وعن حلّ الأزمة المصريّة – السودانيّة في شأن منطقة حلايب المتنازع عليها، قال المحلّل السياسيّ والكاتب الصحافي المصريّ عطيّة عيسوي لـ”المونيتور”: إنّ الحلّ لا يخرج عن 3 إجراءات، فإمّا بإجراء استفتاء لأهالي المنطقة لحسم بقائهم مع مصر أو انضمامهم إلى السودان، وهو الأمر الذي يقلق الجانب السودانيّ، خشية التّصويت لصالح مصر، أو بإحالة القضيّة على التّحكيم الدوليّ، وهو خيار يخشى منه الطرفان، نظراً لتمسك كلّ واحد بإجراءات يراها قانونيّة، إذ يتمسّك الجانب المصريّ باتفاقيّة 1899 التي تعتبر خطّ الحدود عند 22 شمالاً أيّ أنها أرض مصريّة، بينما يستشهد الجانب السودانيّ بالقرار الإداريّ الصادر في عام 1902 بتفويض سلطات الاحتلال الانكليزيّ والقيادة المصريّة السودانيّة آنذاك للخرطوم بإدارة المنطقة، باعتبارها الأقرب جغرافيّاً عن القاهرة، وهو قرار اتّخذه وزير الداخليّة المصريّ في حينها، إلاّ أنّه يبقى قراراً إداريّاً لا يلغي اتفاقيّة دوليّة .وقامت مصر باتخاذ هذا القرار الذي بقي اتفاق إداري وليس اتفاقية دولية على غرار اتفاقية 1899 لترسيم الحدود التي يتمسك الجانب المصري بها لاثبات احقيته في ارض حلايب.

 أمّا الحلّ الثالث لأزمة النزاع هذه فهو بجعل مثلّث حلايب وشلاتين منطقة تكامل بين البلدين، وهذا الأمر الذي تمّ الإعلان عنه في أكثر من مرّة من البلدين ، بينما لم يتمّ تفعيله حتّى الآن.

ومن جهتها، أعلنت مفوضيّة الانتخابات السودانيّة أنّ منطقة حلايب ظلّت دائرة انتخابيّة سودانيّة منذ عام 1953، في ظلّ تمسّك الخرطوم بعدم التفريط في شبر واحد من هذه الأرض.

 وأكّدت مريم الصادق المهدي، وهي نائبة رئيس حزب الأمّة السودانيّ في اتّصال هاتفيّ مع “المونيتور” أنّ تصعيد أزمة مثلّث حلايب والإعلانات الاعلاميّة لنظام البشير حاليّاً عن السيادة الوطنيّة في هذه المنطقة، ماهو إلاّ انعكاس لأزمة العلاقات السودانيّة – المصريّة بسبب الانقلاب على نظام الإخوان في مصر،

 وقالت: “للأسف، إنّ النّظام الحاليّ في السودان أبعد قضيّتي حلايب ومياه النيل عن بعدهما الحقيقيّ، وجعلهما رهن المواقف السياسيّة. ففي ظلّ عهد الإخوان المسلمين وحكم مرسي في مصر لم تثار قضيّة حلايب، بل انحازت السودان للرؤية المصريّة في ما يخص موضوع سدّ النّهضة الأثيوبيّ، من دون دراسة للمصلحة السودانيّة، بينما حاليّاً في ظل وجود السيسي انقلبوا لدعم سدّ النّهضة، وعادوا للحديث عن السيادة السودانيّة على حلايب”.

 وطالبت المهدي النظامين المصريّ والسودانيّ بالعمل على وضع قضيّة حلايب في نصابها القانونيّ لحسمها بالاحتكام إلى الوثائق القانونيّة، وفي الوقت ذاته باستطلاع رأي أهالي المنطقة أنفسهم”.

 وبدوره، اتّهم الأمين السياسيّ لحزب المؤتمر الشعبيّ في السودان كمال عمر النظامين المصريّ والسودانيّ باستخدام منطقة حلايب في إطار الابتزاز السياسيّ المتبادل، في ظلّ عدم رغبة حقيقيّة لإنهاء الأزمة ورفض الطرفين اللجوء إلى التّحكيم الدوليّ.

 وفي ما يتعلّق بدخول منطقة حلايب كدائرة انتخابيّة في انتخابات البرلمان، المقرّر عقدها نهاية العام الحاليّ في مصر، وأيضاً تصويت مواطنيها في الانتخابات السودانيّة مطلع عام 2015، أوضح عمر ل”المونيتور” عبر الهاتف أنّ هذا يمثّل خرقاً للقانون الدوليّ، وهو سابقة لم تحدث من قبل، وقال: “لا يمكن أن يتمتّع مواطنو حلايب بإزدواجيّة الولاء الوطنيّ، فالأمر يحتاج إلى وقفة بين النظامين المصري ّوالسودانيّ”.

يأتي تعكر صفو العلاقات بعد ما أظهرته زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره السوداني في اعقاب نجاحه في انتخابات الرئاسة المصرية وما تبع ذلك من حفاوة البلدين بافتتاح الطريق البري الجديد للربط بينهما. إلا أن القرار من الخرطوم باعتبار منطقة حلايب المتنازع عليها مع مصر دائرة انتخابية سودانية يبرز من جديد هذا الارتباك اي علاقة الدولتين.

 وتبقى أزمة النزاع المصريّ – السودانيّ على أرض منطقة مثلّث حلايب وشلاتين رهينة الأزمات السياسيّة بين البلدين، والتصاعد الحالي هو دليل واضح أن العلاقات بين البلدين تحتاج إلى أصلاحات.

المونيتور