العدالة في مراحل الانتقال بقلم الأستاذ عبد المطلب عطية الله المحامي

العدالة في مراحل الانتقال

 

 

العدالة في مراحل الانتقال

================

 

 

آثار مصطلح العدالة الترميميه الذي وَرد في صلب بيان حزب الامه القومي حول واقعة القبض على المتهم على كوشيب بواسطة المحكمه الجنائيه، آثار ذلك المصطلح جدلا انحرف به البعض لمنحني السخرية من الحزب وما دروا انهم يعبرون في ذلك عن حالة ادقاع معرفي وجهل تام بالارث القانوني العالمي في التعاطي مع تركة الحروب وتراكم مآسي الانتهاكات فقد انطوت التجارب العالميه على أشكال متعدده من العداله أهمها نوعان وهما: العدالة الترميمية، والعدالة الانتقالية التعويضية.

 

الأولى الترميميه :-

—————-

 

تركز العداله الترميميه على جوانب ذات المرتبطه بالقصاص والمبنية على فرضية إقامة العدل وتحقيق الإنصاف للضحايا، وذلك من خلال إيقاع العقاب على المذنبين، وفي ذلك يتم التعاطي مع إرث الحروب الأهلية والانتهاكات التي تؤدي بطبيعتها إلى توريط شرائح كبيرة من الفئات الاجتماعية في المذابح ، بالتركيز في تطبيق تحقيق إجراءات العدالة على فئات محدودة من مرتكبي تلك الانتهاكات ،وهي الفئات التي لعبت دورا قياديا في الحروب، وهذه التجربة كانت نااصعه في روندا التي قدمت نموذجا وازن بين استحقاقات تحقيق العدالة ومتطلبات المصالحة الأهلية التي تستدعي في كثير من الأحيان التجاوز والصفح وبناء عقد اجتماعي وسياسي جديد وقد تمكنت رواندا من التخلص من أثقال الماضي الدامى الي المستقبل المزدهر بالسلام من خلال تطبيق منهج العدالة الترميميه ،،،

وفلسفة حزب الامة في المطالبة باستدعاء تجربة العدالة الترميمية قائمة على الموازنة بين مطلوبات العدالة والحاجة لتاسيس ارضية صلبه للانتقال وذلك بالتمييز عند التعامل مع المحكمة الجنائيه بين مجموعتين أحداهما لعبت دورا قياديا وظلت ضالعة في منهج القهر والاستبداد حتى سقوط النظام والأخرى من العسكريين قد تكون ضالعة في إرث الحروب لكنها لعبت دورا مفتاحيا في عملية إزاحة الدكتاتور من الحكم بأقل كلفه لذلك يجب التعامل معهم بمبدأ التجاوز والصفح كمبدا أصيل في عملية العدالة الترميميه،،،

 

الثاني: نموذج العدالة الانتقالية أو التعويضية

 

—————–

حيث تركز هذه العدالة على الانتقال من الحرب إلى السلم، أو من نظام ميراث نظام استبدادي إلى آخر ديمقراطي، وتتأسس فلسفتها على أن إقامة العدل ليس بشيء أمام استحقاقات السلم الأهلي والازدهار الاقتصادي وتحقيق الديمقراطية وتثبيت دولة القانون، لذلك يتوجب العمل على بناء ذاكرة تاريخية مشتركة ووعي مجتمعي يتأسس على اعتراف الجناة بمسؤوليتهم عن الجرائم التي ارتكبت في الماضي وإبداء الندم والاعتذار للضحايا، وذلك لبيان الحقيقة وإنصاف الضحايا من جهة، ولمنع إمكانية ارتكاب مثل هذه المذابح والانتهاكات في المستقبل من جهة أخرى وهذا النموذج دللت علية تجربة جنوب أفريقيا،،،

في كل الأحوال نحن في مرحلة تاريخية مهمة يتوجب علينا الانفتاح على كل تجارب الشعوب في تحقيق العداله وعملية الانتقال والعالم مدجج بالتجارب المشرقة التي تمكنت من خلالها الشعوب على تجاوز أثقال جراحات الماضي والانتقال للمستقبل من خلال بناء أنماط من العدالة الترميميه، الانتقاليه، التعويضية وبامكانتا اخذ العبرة من بلدان مثل أسبانيا والارجنتين وكولومبيا وجنوب أفريقيا ورواندا ومؤخرا تونس كلها بلدان نماذج لبلدان اسست تجارب للعدالة تمكنت من خلالها من طي صفحة الماضي الأليم واقتحام آفاق المستقبل وهى الآن في عداد الدول المتحضره،،،

 

 

عبدالمطلب عطية الله

المحامي