الجريدة في حوار مع الحبيبة الدكتورة مريم المنصورة المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي

الجريدة الأربعاء 21 ديسمبر 2016م 22 ربيع الأول 1438هـ العدد 1967 الصفحة رقم 4
الجريدة الأربعاء 21 ديسمبر 2016م 22 ربيع الأول 1438هـ العدد 1967 الصفحة رقم 4

الأربعاء 21 ديسمبر 2016

نائب رئيس حزب الامة د. مريم الصادق المهدي:-

العصيان هز الحكومة هزاً.. رغم استعدادها بالوسائل المعروفة

زرت فلسطين بدعوة من سفارتها بالخرطوم التي تعترف بها الحكومة

لم أزر القدس المحتلة، وفي ذلك ألم عميق لا يزال في دواخلي.. وزيارتها واجب ديني وأخلاقي ووطني وانساني

يوم 19 ديسمبر اكتمل نجاحه في يوم خطاب المناقل

لا اعرف لماذا يهاجمونني.. ويمكن ان تسألوهم

السؤال هل يمتلكون ارادة لأن يجلسوا في الواطة ويراجعوا انفسهم.. لان طريقة اللعب بحياة الشعب واستقرار البلد لن تستمر

حوار: ماجد محمد علي

قالت نائب رئيس حزب الأمة القومي د.مريم الصادق المهدي ان الناشطون والمجموعات المدنية والسياسية المختلفة
نجحوا للمرة الثانية في تنفيذ عصيان مدني في إطار متصاعد بصورة واضحة، وأشارت الى انه هز الحكومة بشكل
كبير جداً، ودفعها وقيادات حزب المؤتمر الوطني الى الهجوم على القيادات السياسية والفعاليات الاجتماعية والمدنية
بصورة غير مسبوقة وبلغة منحدرة، مؤكدة إن الحكومة أُصيبت بالذهول أثناء الأول لإنها لم تدرك ماذا يحدث، وعملت
على إجهاض الثاني بكل الأدوات، بما فيها الترهيب، والتهديد بقطع معاش الناس، والإعلام الموجه لأشخاص وأطراف،
لكن مريم جزمت بأن 19 ديسمبر إكتمل نجاحه قبل التاريخ المضروب، ذلك في يوم خطاب المناقل في 17 ديسمبر. في هذا
الحوار مع (الجريدة)، تشرح مريم أيضا ملابسات سفرها إلى دولة فلسطين، على أن تتناول لاحقاً التفاصيل الكاملة للزيارة
ونتائجها على المدى القريب والبعيد.

الحبيبة الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي للعلاقات الخارجية والدبلوماسية والقيادية بقوى نداء السودان
الحبيبة الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي للعلاقات الخارجية والدبلوماسية والقيادية بقوى نداء السودان

*كيف تعلقين على مجريات اليوم؟
الناشطون والمجموعات المدنية والسياسية المختلفة نجحوا للمرة الثانية في عمل عصيان مدني في إطار متصاعد بصورة واضحة، والأخير تفوق على 27 نوفمبر بانتظامه في عدد من مدن السودان الكبيرة غير الخرطوم، وتم في إطار استعداد كامل من حكومة المؤتمر الوطني، وترهيب استغلت خلاله مقدرات اقتصادية ضخمة ومورست خلالها حرب الكترونية وافتعال إحتفالات، لأول مرة في عمر الإنقاذ يتم الإحتفال بذكرى إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان، هذه الحكومة المسكينة حاولت أن تشوش على الناشطين مشهد 19 ديسمبر، لإنها تنظر للأمر فقط من خلال مؤشر واحد، هو خلو الشوارع من المارة والسيارات، لذلك كانوا حريصين على وجود السيارات في الشوارع، وشهدنا التهديد الواسع والإرهاب الفكري والديني الذي تعرض له سائقو المركبات العامة، و(التحشيد) الذي تم لمنسوبيها في الأماكن العامة، وذلك للنظرة الضيقة.

* وما هي هذه النظرة؟
هذه بالنسبة لهم مسألة مطالعة، حتى يُعاد سيناريو 2013 التي أعلن فيها الناس العُزل، بصورة سلمية، رفضهم للإجراءات الاقتصادية، وكان مصيرهم الموت. وهذه قضية كبيرة لن تسقط بالتقادم. وما قام به الناشطين من ابتداع لهذه الوسيلة السلمية يعكس ،بصورة ما، ما قامت به القوى السياسية الوطنية طيلة نضالها، وهو كبح جماح هذا النظام المتجبر المتسلط الغير مسؤول، بصورة تنطوي على مسؤولية ووعي ترفض خلالها (الغلط) وتتصدى له وتقاومه، لكن بمسؤولية تحفظ أرواح الناس ومقدرات البلد، ويجب أن نذكر بأن النظام في 1989 قال ذات اللغة، وبنفس الوسيلة التي اغتصبت بها السلطة، وربما لأن الوعي السياسي كان أكبر والقيادات أكثر، لم يتعاملوا مع هذه الكلمة، والآن لأسباب مختلفة أصبحت لغتهم بهذه الصورة من البؤس والوضوح.

*هل هناك علاقة بين الهجوم الذي تتعرضون له والحراك الجماهيري المتصاعد؟
الفكرة المبدئية من وراء هذا الهجوم المتواصل على القوى السياسية والشعب هي الفراغ السياسي.. لا يوجد منذ فترة مشروع سياسي لهذا النظام الذي يفتقر أيضا منذ فترة طويلة لأي مصداقية، فالحوار الوطني على سبيل المثال إستمر 32 شهراً وأكدوا بعد صدور المخرجات أن الحكومة ستنفذها، لكنهم اضطروا لأن يرموا 70% من المخرجات في (الزبالة) حتى ينفذوا القرارات الاقتصادية، اضطروا.. مثلما قال كبير النظام، والذي قال تحديدا بأنهم إن لم يعلنوها كان النظام إنهار، أما الثلاثين في المائة المتبقية من تلك المخرجات، وجلها حول الحريات، فقد سقطت بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع النقد الموضوعي لتلك القرارات، وسجنهم بداية لقيادات حزب المؤتمر السوداني، ثم بقية قيادات وكوادر القوى السياسية المختلفة والناشطين في المجتمع، وقد كشف ذلك للشعب أيضاً، عدم قدرتهم على التغيير أو استعدادهم له أو توفر إرادة لذلك، وفي العصيان الأول أذهلهم ما حدث لأنهم لم يكونوا يعلمون ماذا يحدث، ولم يستعدوا بمثل ما إستعدوا الآن، من تهديد وتخويف واستهداف للناس وخلق الأكاذيب، وتسليط إعلام بصورة محددة على ناس محددة، وهذا قادهم لإنجاح الثاني قبل تاريخه بوقت، وتحديدا يوم خطاب المناقل الذي كان بمثابة إعلان اكتمال النجاح، لقد لاحظت خلال اليومين الماضيين لغة خطاب غير مسبوقة من قيادات وأعضاء في المؤتمر الوطني، تهديداً ووعيداً، ولغة مؤلمة من الانحدار اللفظي الذي وصلوا إليه، ولقد فعلوا الكثير في الأيام الماضية، كرد على ما يحدث من حراك جماهيري، وكل ما فعلوه يؤكد أنهم فعلا خطر كبير علينا، لذلك يجب أن يتمدد عصياننا، وهو ليس حدث بل فعل تراكمي هز الحكومة هزا، وهذا يطرح عليهم سؤال حول، (هل بقيت عندهم باقي وطنية للسودان ولشعبه، وباقي احترام لأنفسهم وباقي إحساس بمسؤولية)، وأيضا هل يمتلكون إرادة لأن ( يجلسوا في الواطة ويراجعوا أنفسهم)، ذلك لأن طريقة اللعب بحياة الشعب وإستقرار البلد لا يمكن أن تستمر ولن يقبلها أحد، والشعب السوداني سيستمر في طريقه الذي حدده.

* لماذا تتعرض مريم، دون قيادات المعارضة، لهذا الهجوم، وبخاصة الفيديو المفبرك الأخير؟
حقيقة لا أستطيع أن أجيبك لماذا هذا الأمر، ومن الضروري أن يجيبكم عليه أحد المسؤولين في الحكومة، لكن أنا بشوف إنهم (بيدوني) أكثر مما أستحق، ربما شايفين أن لي قدرة على التأثير أو الحضور في الساحة السياسية.. الله أعلم، وهذا عادة يحدث للناس (البكون عندهم مواقع مثل دي بيتعرضوا للأذى الأكبر)، وطبعاً ظهرت هذه بصورة واضحة في التسريب الذي تم لزيارتي للضفة الغربية، مدينة رام الله، التي تتخذها الآن دولة فلسطين مقراً لرئاسة حكومتها، وأنا أقول دولة فلسطين وليس السلطة الفلسطينية،وكانت الزيارة بدعوة عبر سفارة فلسطين في الخرطوم، المصرح لها من قبل حكومة السودان، ولحضور افتتاح المؤتمر السابع لحركة فتح عظم الظهر في منظمة التحرير الفلسطينية،التي نكن لها كل الاحترام والامتنان لأنهم ظلوا أبداً حاملين لواء قضية فلسطين وتحريرها وجعل اسمها واقع، رغم محاولات دولة الاحتلال، ولا نقول دولة إسرائيل، لأننا لا نعترف بدولة إسرائيل، التي ظلت تمنع ذكر اسم فلسطين ووجودها في الخريطة، رغم اتفاق اسلوا 1992 المعيب إلا أنه أوجد مرة أخرى اسم فلسطين بصورة قوية، وأوجد فلسطين في الخارطة، صحيح بصورة نحتاج لأن نفهمها أكثر، ونحنا بدينا الآن تلمسها. وأنا شخصياً كنت من المتابعين للقضية بشكل كبير، لكن ليس من رأى كمن سمع، وهذه الزيارة أهم زيارة قمت بها في حياتي لأي دولة، وسأسعى بكل جهدي لأن أكررها، لأن هذا لزاماً علي، وواجب ديني وأخلاقي ووطني وانساني أن أزور القدس المحتلة.

*هذا لم يحدث في هذه الزيارة؟
هذا لم يحدث هذه المرة رغم إنني زرت عدداً من المدن الفلسطينية، مثل بيت لحم، جنين، نابلس، الخليل، زرت تلك المدن لكني لم أزر القدس، وفي ذلك ألم عميق لا يزال في دواخلي، ومن شكل ما شاهدت سأعمل على توسيع ودع عملية التضامن لدولة فلسطين.
لقد تأسفت كثيراً لوجود حقائق يجب أن نواجهها، عندما لاحظت قدرة دولة الاحتلال على إجراء عملية غسيل مخ جماعي، لأن يُعترف بها كدولة، وتمحي من دواخلنا أي وجود لفلسطين، بحيث عندما يزور شخص مثلي دولة فلسطين، يجد كل هذا التشكيك المأزوم والمرغوب من جهات عندها السلطة، فيما آخرون تمت استضافتهم والاحتفاء بهم وركبوا طائرات رئاسية، واعترفوا جهاراً بأنهم زاروا دولة العدوان، ويقولون اسمها الذي يُعد لدينا منكر، يجدوا الحفاوة والخطابات المثنية في أعلى المنابر في حكومة السودان!، وهذا وضع يكشف خطورة ما وصلت إليه عملية غسيل المخ عندنا.. وما وصلت إليه حالة استخفاف الحكومة بموقفنا كسودانيين مؤازرين للقضية الفلسطينية، ونتصدى لأي اعتراف بدولة الاحتلال المسماة إسرائيل.

*وماذا يعكس هذا.. ؟
عمق محاولات تقديم دولة العدوان بإعتبارها الأساس وإن دولة فلسطين التي هي الأصل والحقيقة ، لا وجود لها، وهذا هو الخطر الكبير الذي لاحظته في هذه الزيارة.

الجريدة